للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا أَوْلَادُ الْمُبْتَدَعَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إذَا كَفَّرْنَاهُمْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَوْلَادَهُمْ مُسْلِمُونَ مَا لَمْ يَعْتَقِدُوا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ؛ لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ مُسْلِمِينَ ظَاهِرًا وَحُكْمُ اعْتِقَادِ أَبِيهِ لَا يَسْرِي " إلَيْهِ ".

قُلْت: " إذَا " انْعَقَدَ الْوَلَدُ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقِيدَةِ الْمُكَفِّرَةِ مِنْ أَبَوَيْهِ فَهُوَ كَوَلَدِ الْمُرْتَدِّ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَظْهَرُ كَمَا " قَالَهُ " النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ فَقَدْ أَجْرَوْا حُكْمَ اعْتِقَادِ أَبِيهِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى تَكْفِيرِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ أُصُولَ الْعَقَائِدِ بِأَدِلَّتِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ عَقْلًا وَنَقْلًا وَلَيْسَ الْإِيمَانُ عِبَارَةً عَمَّا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ " النُّظَّارُ " " بَلْ هُوَ نُورٌ " يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ فَلَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى " {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} [الأنعام: ١٢٥] ، وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِلَفْظَةِ التَّوْحِيدِ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ» وَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ مَأْخَذَ " التَّكْفِيرِ " مِنْ الشَّرْعِ لَا مِنْ الْعَقْلِ إذْ الْحُكْمُ بِإِبَاحَةِ الدَّمِ وَالْخُلُودِ فِي النَّارِ شَرْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ خِلَافًا لِمَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ نُسِبَ إلَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ " عَلَيْهِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>