للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ لِوُجُودِ لَفْظِ الْجَمْعِ فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهَذِهِ الثَّلَاثِ قُبِلَ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الشَّرَابَ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الْأَشْرِبَةِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت شَرَابًا مُعَيَّنًا قُبِلَ لِعُمُومِ لَفْظِ " الْجَمْعِ " وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ اللَّفْظِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ، وَقَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً فِي أَوَّلِ " الْحَالَيْنِ "

فَيُقْبَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ " وَأَمَّا "

إذَا نَوَى بِاللَّفْظِ مَا لَا إشْعَارَ لَهُ بِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ كَمَا سَبَقَ فِي " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً " وَنَوَى ثَلَاثًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا أَشْرَبُ لَك مَاءً مِنْ عَطَشٍ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ غَيْرِ الْمَاءِ وَأَكَلَهُ وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ اللَّفْظِ، وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ اللَّفْظَ وَلَا عُرْفَ يَقْتَضِيهِ لَغَا.

وَهَذَا كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ يَشْتَرِطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُوصِي فِيهِ كَقَوْلِهِ: فِي قَضَاءِ دُيُونِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت لَك - لَغَا، لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا إذَا فَهِمَ الْعَامِّيُّ " مِنْ "

اللَّفْظِ شَيْئًا آخَرَ " لَمْ "

يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَا نَوَاهُ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ مِنْ الْحَالِفِ بِالْحَرَامِ أَيْشُ تَفْهَمُ مِنْهُ لَوْ سَمِعَتْ غَيْرَك يَحْلِفُ بِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِفَهْمِهِ عَلَى نِيَّتِهِ. وَلَوْ كَانَ فَهِمَ الْعَوَامُّ حُجَّةً لَمْ يَنْظُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْأَوْقَافِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا يَصْدُرُ عَنْهُمْ وَلَكِنَّا نَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَيَجْرِي الْأَمْرُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهَا لُغَةً وَشَرْعًا سَوَاءٌ عَلِمْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ قَصَدَ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ فَقَدْ الْتَزَمَ حُكْمَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ تَفَاصِيلَهُ حِينَ النُّطْقِ بِهِ، وَأَدِلَّةُ الشَّرْعِ شَاهِدَةٌ لِذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>