كَمَنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً أَوْ حَدَثًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِيَقِينِهِ وَأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ لِأَنَّ النِّكَاحَ " مُسْتَيْقِنٌ "
فَإِذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ " أَمْ لَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَهَلْ طَلَّقَ "
ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَمِنْهَا الْأَقَارِيرُ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مُتَيَقِّنَةٌ " فَلَا شُغْلَ "
إلَّا بِيَقِينٍ فَحَيْثُ يَحْتَمِلُ اللَّفْظُ الْإِقْرَارَ وَعَدَمَهُ لَا يَثْبُتُ نَعَمْ لَوْ قَالَ " لَهُ " عَلَيَّ دِرْهَمٌ؛ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَازِنٌ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت دِرْهَمًا خَفِيفًا وَلَمْ أُرِدْ الْوَزْنَ بَلْ الشَّكْلَ وَالصُّورَةَ لَمْ يُقْبَلْ.
قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ بِنَاءَ الْإِقْرَارِ عَلَى " إلْزَامِ "
الْيَقِينِ وَطَرْحِ الشَّكِّ عَلَى اسْتِصْحَابِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا الْأَصْلُ يَقْتَضِي تَصْدِيقَ الْمُقِرِّ بِالدِّرْهَمِ الْمُطْلَقِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ إرَادَةِ الشَّكْلِ دُونَ الْوَزْنِ، قُلْنَا: هَذَا قَوْلُ " مَنْ لَمْ يَحُطَّ بِنِهَايَاتِ "
الْأُمُورِ فَإِنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ فِي الْإِقْرَارِ يَجْرِي عَلَى مُوجِبِ ظَاهِرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نَصًّا فِي " وَضْعِ "
اللِّسَانِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ تَأْوِيلٌ فَإِنَّ الصَّرِيحَ مَا يَتَكَرَّرُ عَلَى الشُّيُوعِ أَمَّا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَوْ فِي عُرْفِ اللِّسَانِ، وَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ لَزِمَ إجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يُقْبَلُ الْعُدُولُ عَنْ مُوجِبِ الظَّاهِرِ فِي الظَّاهِرِ وَأَمْرُ السِّرِّ مُحَالٌ عَلَى الْأَحْكَامِ الْبَاطِنَةِ.
وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ حَكَمْنَا بِالطَّلَاقِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ فِي الظَّاهِرِ " قَوْلُهُ "
أَرَدْت مِنْ وَثَاقٍ وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ، فَإِنَّ الصَّرِيحَ حَقُّهُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الظَّاهِرِ فِي ظَوَاهِرِ الْأَحْكَامِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْأَقَلِّ إذَا كَانَ لَفْظُ الْمُقِرِّ مُحْتَمَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ اللَّافِظِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute