وَانْقَضَتْ عِدَّتِي مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهَا عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الثَّانِي وَصَدَقَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْوَطْءِ وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقَهَا فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا كَرَاهَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْكِحَهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا.
فَإِنْ قَالَ بَعْدُ: تَبَيَّنْت صِدْقَهَا - فَلَهُ نِكَاحُهَا، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: كَيْفَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي دَعْوَى الْفِرَاقِ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحُمِلَ كَلَامُهُ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُنَازَعَةٌ وَلَكِنَّهَا ذَكَرَتْهُ مُبْتَدَأً فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا " فِيهِ "
، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْعُقُودِ عَلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا.
وَمِنْهَا: لَوْ اخْتَلَفَا فِي إسْقَاطِ جَنِينٍ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ ادَّعَتْ وِلَادَةَ تَامٍّ لَمْ يَكُنْ لَهَا " بُدٌّ "
مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، قُلْنَا: السَّقْطُ يَسْقُطُ فِي أَوْقَاتٍ غَيْرِ مَضْبُوطَةٍ وَلَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يُنْتَظَرُ فَيَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ وِلَادَةِ الْوَلَدِ الْكَامِلِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَتَلَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ الْحَمْلَ فَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَخَايِلُهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْ مَنْكُوحَةٍ يُخَالِطُهَا زَوْجُهَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ عَنْ الْإِمَامِ مَهْمَا ظَهَرَتْ مَخَايِلُ الْحَمْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوَقُّفِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَخَايِلُهُ " وَادَّعَتْهُ "
الْمَرْأَةُ وَوَصَفَتْ عَلَامَاتٍ خَفِيَّةً فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، وَالظَّاهِرُ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهَا وَطَرْدُ التَّرَدُّدِ فِيمَا إذَا لَمْ تَدَّعِهِ وَلَكِنَّهَا قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوَطْءِ وَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ قَرِيبٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ " الْمَعْنَى "
فِي الْكَفِّ عَنْ قَتْلِ الْحَامِلِ خَشْيَةَ قَتْلِ الْجَنِينِ الْمُحْتَمَلِ وُجُودُهُ فَهُوَ " لِمَعْنًى "
فِي غَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَتَقَيَّدَ بِدَعْوَاهَا.