انْصَرَفَ إلَى الْمَعْهُودِ، وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ هَذَا عَنْ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ " ذَلِكَ " الْأَصْلَ الْعَامَّ عَارَضَهُ أَصْلٌ " آخَرُ " خَاصٌّ أَقْوَى مِنْهُ.
وَمِنْهَا: إذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكٌ لِوَلَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ يَهَبُهُ مِنْهُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَهَذَا فَرْعُ الْقُضَاةِ الْأَرْبَعَةِ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو الطَّيِّبِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْقَاضِي الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ فَيَرْجِعُ " وَإِلَّا " فَلَا.
الثَّالِثُ:
أَنَّ الْمُطْلَقَ يَرْجِعُ فِي تَعْيِينِ أَحَدِ مَحْمِلَيْهِ إلَى اللَّافِظِ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فِي صُوَرٍ:
مِنْهَا: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَدَفَعَ إلَى الْمَدِينِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَ فَلَهُ التَّعْيِينُ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَعَلَيْهِ تَعْيِينُ " إحْدَاهُمَا " لِلطَّلَاقِ. وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ وَفِيهِنَّ أَجْنَبِيَّةٌ، وَقَالَ: أَرَدْتهَا؛ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ أَيْضًا.
وَمِنْهَا: يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مُطْلَقًا وَيَصْرِفَهُ بِالتَّعْيِينِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ، أَوْ إلَيْهِمَا، نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَهُ لِلْعُمْرَةِ دَخَلَ الْحَجُّ فَأَرَادَ صَرْفَهُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ صَحَّ عَنْ الْعُهْرَةِ وَلَا يَقَعُ مَوْقُوفًا فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ لَا يَقْبَلُ سِوَى الْعُمْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute