للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمية عَنْ عثمان [بن حاضر] الحميري: " أَنَّ امْرَأَةً حَلَفَتْ بِمَالِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي الْمَسَاكِينِ، وَجَارِيَتُهَا حُرَّةٌ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَتِ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَا: أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتَعْتِقُ، وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي الْمَالِ، فَإِنَّهَا تُزَكِّي الْمَالَ ". قَالَ أبو إسحاق إبراهيم الجوزجاني: الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَا يَحُلَّانِ فِي هَذَا مَحَلَّ الْأَيْمَانِ، وَلَوْ كَانَ [الْمُجْزِئُ فِيهَا مُجْزِئًا] فِي الْأَيْمَانِ لَوَجَبَ عَلَى الْحَالِفِ بِهَا إِذَا حَنِثَ كَفَارَّةٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا.

قُلْتُ: أَخْبَرَ أبو إسحاق بِمَا بَلَغَهُ مِنَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ مُفْتِي النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ - مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَصْحَابِ أبي حنيفة ومالك - كَانُوا لَا يُفْتُونَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ إِلَّا بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ، لَا بِالْكَفَّارَةِ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ التَّابِعِينَ مَذْهَبُهُمْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ، حَتَّى إِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمَّا أَفْتَى بِمِصْرَ بِجَوَازِ الْكَفَّارَةِ، كَانَ غَرِيبًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ الْمَالِكِيَّةِ. وَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: يَا أبا عبد الله هَذَا قَوْلُكَ؟ فَقَالَ: قَوْلُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ.

فَلَمَّا أَفْتَى فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ - كَالشَّافِعِيِّ وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وسليمان بن داود وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وعلي المديني وَنَحْوِهِمْ، فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ بِالْكَفَّارَةِ، وَفَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ، صَارَ الَّذِي يَعْرِفُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَقَوْلَ أُولَئِكَ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِلَّا فَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدِ اعْتَذَرَ أحمد عَمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي كَفَّارَةِ الْعِتْقِ بِعُذْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: انْفِرَادُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِذَلِكَ.

<<  <   >  >>