وَالثَّانِي: مُعَارَضَتُهُ بِمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ. وَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمَشَاهِيرِ بَلَغَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنِ الصَّحَابَةِ مَا بَلَغَ أحمد، فَقَالَ المروزي: قَالَ أبو عبد الله: إِذَا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ، فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ إِذَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَيْسَ فِيهِمَا كَفَّارَةٌ، وَقَالَ: لَيْسَ يَقُولُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، فِي حَدِيثِ ليلى بنت العجماء حَدِيثِ أبي رافع: " أَنَّهَا سَأَلَتِ ابْنَ عُمَرَ وحفصة وزينب، وَذَكَرَتِ الْعِتْقَ، فَأَمَرُوهَا بِالْكَفَّارَةِ " إِلَّا التَّيْمِيَّ. وَأَمَّا حميد وَغَيْرُهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا الْعِتْقَ. قَالَ: سَأَلْتُ أبا عبد الله عَنْ حَدِيثِ أبي رافع، قِصَّةِ حَلِفِ مَوْلَاتِهِ لَيُفَارِقَنَّ امْرَأَتَهُ، وَأَنَّهَا سَأَلَتِ ابْنَ عُمَرَ وحفصة، فَأَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ. قُلْتُ: فِيهَا شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَذْهَبُ إِلَى أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، قَالَ أبو عبد الله: لَيْسَ يَقُولُ فِيهِ: " كُلُّ مَمْلُوكٍ " إِلَّا التَّيْمِيُّ. قُلْتُ: فَإِذَا حَلَفَ بِعِتْقِ مَمْلُوكِهِ فَحَنِثَ؟ قَالَ: يَعْتِقُ.
كَذَا يَرْوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: " الْجَارِيَةُ تَعْتِقُ "، ثُمَّ قَالَ: مَا سَمِعْنَاهُ إِلَّا مِنْ عبد الرزاق عَنْ معمر. قُلْتُ: فَأَيْشِ إِسْنَادُهُ؟ قَالَ: معمر عَنْ إسماعيل، عَنْ عثمان [بن حاضر] ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ إسماعيل بن أمية وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، وَهُمَا مَكِّيَّانِ: [وَقَدْ فَرَّقَا] بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ؛ [لِأَنَّهُمَا] لَا يُكَفَّرَانِ، وَاتَّبَعَ مَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ [عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ عَارَضَ مَا رَوَاهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ] عَنِ ابْنِ عُمَرَ وحفصة وزينب، مَعَ انْفِرَادِ التَّيْمِيِّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَقَالَ صالح بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute