[الآية (٣)]
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣].
قالَ المُفَسّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فِي أَدْنَى الْأَرْضِ}: أَيْ أَقْرَبَ أَرْضِ الرّوم إِلَى فَارِسٍ بِالجزِيرَةِ التّقَى فِيهَا الجيْشَانِ، وَالبادِي بِالغزْوِ الفرْسُ، {وَهُمْ} أَيْ الرّوم، {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أُضِيفَ المصْدَرُ إِلَى المفْعُولِ، أَيْ غَلَبَة فَارِسٍ إيَّاهُمْ {سَيَغْلِبُونَ} فَارِسَ] اهـ.
قوْله تَعالَى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} قِيلَ: المعْنَى أقربَ الأرْض إِلَى فارسَ، وأنَّ فارِسَ اعتَدَوْا عَلَى الرّومِ، فحَصل القتَالُ بَيْنَهُما، وقِيلَ: إِنَّ معْنَى قوْله تَعالَى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} أيْ فِي أقْرَبِها إِلَى أَرْض العرَبِ، وَهَذا يرْجعُ إِلَى التّاريخِ الَّذي يحدّد موقعَ هَذِهِ المعْرَكَةِ حتَّى نعرِفَ أدْنَى الأرْض، إِنَّما لا شَكَّ أنَّ (أدْنَى) بمعْنَى أقْرَب.
قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{وَهُمْ} أي الرّوم {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أضيف المصدر إِلَى المفعول أي غلبة فارس إياهم {سَيَغْلِبُونَ} فارس]، انظر تأكيدَ هَذا الوعدِ، حيْثُ صُدِّر بالاسْمِ {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ}؛ لأنَّهُ إذا صُدّر بالاسْمِ صارَ جمْلَةً اسْمِيَّةً دالَّةً عَلَى الدّوامِ والثّبوتِ، وأكَّد مِنْ وَجْهٍ آخَر بقُرْبِه حيْثُ كانَ الخبَرُ مقرونًا بالسّين الدّالَّةِ عَلَى القرْب، ثمَّ أكَّدَه أيضًا بمؤكّد ثالِث وهُوَ قولُه: {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute