[الآية (٢٣)]
* * *
قَالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [الروم: ٢٣].
قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} بِإِرَادَتِهِ رَاحَةً لَكُمْ]؛ مِن آيَاته أيْضًا منَامُكُم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ - وَ (البَاءُ) هُنا بمَعْنى (فِي) - فَهِي للظَّرْفِيَّةِ - و (البَاءُ) تأتي للظَّرفِيَّةِ كَثِيرًا - ومنْهُ قوله تَعالَى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: ١٣٧، ١٣٨]، أيْ وفِي اللَّيْلِ، فالبَاءُ فِي قَوله {وَبِاللَّيْلِ} ظَرْفِيَّةٌ.
وقوْله تَعالَى: {بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} لَمْ يذْكُرِ الله وقتًا مُعَيّنًا مِن اللَّيْلِ، ولا وَقْتًا مُعيَّنًا مِن النَّهارِ؛ لأنَّ النَّومَ فِي أيِّ سَاعَةٍ مِن اللَّيْل أوِ النَّهارِ هُوَ مِن آيَاتِ الله، أمَّا كوْنُك يُكْرَهُ لَك أنْ تَنامَ فِي هَذا الوَقْتِ أوْ لا تَنامُ فهَذا موْكُولٌ إِلَى الشَّرعِ، وهُو مِنَ الآيَاتِ الشَّرْعيَّةِ ولَيْس مِنَ الآيَاتِ الكَوْنِيَّةِ.
وقوْلهُ رَحَمَهُ اللَّهُ: [رَاحَةً] هَلْ هِي مفْعُولٌ مِن أجْلِه أوْ مفْعُولٌ لـ (إِرَادَة)، أيْ أنَّه يُرِيدُ الرّاحةَ لكُمْ؟ يحْتَملُ كلامُ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ وجْهَيْن: إمَّا المَعْنى بإرَادتِه أنْ تَسْتَريحُوا، أو المَعْنى أنَّ نوْمَكُم بإِرَادَتِه راحَةٌ لكُمْ، فيُفِيدُ أنَّ النَّوْمَ ليْسَ باخْتِيارِ الإِنْسانِ، الإِنسَانُ غايَةُ مَا يفْعَلُ أنَّه يفْعَلُ الأسْبابَ الَّتي يكُونُ بِها النَّوْمُ، أمَّا أنْ يُخْرِجَ رُوحَهُ مِنْ جَسَدِه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute