للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٩)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الرّوم: ٢٩].

* * *

قوْله تَعالَى: {بَلِ اتَّبَعَ}: للإضْرابِ، والإِضراب هُنا انْتِقالِيٌّ وليْسَ إِبْطالِيًّا؛ ووَجْه ذَلِك أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما بَيَّنَ هَذِهِ الآيَاتِ الدّالَّةَ عَلَى قُدْرَته عَلَى أنَّه واحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ بضَرْب المَثل الأَخِيرِ، المثَلُ الّذِي لا يُنَاِزع فِيه إِلَّا مكابِرٌ، المَثَل الأَخِيرُ هُو أنَّه كيْفَ تجْعَلُون للهِ شرِيكًا هو يمْلِكُه، أيْ الله يمْلِكُه فهَل لكُمْ أنْتُم شركاءُ في أموالِكُم وممَالِيكِكُم؟

والجوابُ: لَا، إِذَنْ فإنَّهُ يدُلُّ عَلَى أنَّ الله لا شَرِيكَ لَهُ.

بعْدَ هَذا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنَّ الَّذِين خرَجُوا عَن ذَلِك وَأنْكَرُوا البَعْث وأنْكَروا الوَحْدانِيَّةَ أنَّهُم ليْسُوا عَلَى حَقٍّ، وَإنَّما هُم ظَالِمُونَ؛ وَلهِذَا قَال: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ}.

قوْله تَعالَى: {الَّذِينَ ظَلَمُوا}: قالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [بالإِشْرَاكِ]، وَهَذا تخْصِيصٌ في غيْرِ محَلِّه، وَالظّاهِرُ لي أنَّ المُفَسّر رَحَمَهُ اللهُ خصَّصه مُراعَاةً للمَثَل الَّذي قبْلَه؛ لأَنَّ المَثَل الَّذي قبْلَه واضِحٌ في أنَّ الغَرضَ مِنْهُ إبْطَالُ الشّركِ، ولكِنْ لَو قِيلَ: إنَّه يشْمَلُ هَذا وغيْرَه مِن الظُّلمِ كإنْكَارِ البَعْث مثَلًا، فَإنْكَارُ البَعْثِ لا شَكَّ أنَّه ظُلْمٌ؛

<<  <   >  >>