قوْله تَعالَى:{فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويجوز أنْ يكُونَ الخطابُ عامًّا لكل من يَتَأتّى خِطَابه {لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، يعني لا تُسْمِعُهم سماعًا ينتفعون بِهِ أو لا تسمعهم حين الدّعوة، والأقرب الأول لأَنهُ لَيْسَ من المعقول أن أحدًا يقف عَلَى الأموات ويقول يا أيها النَّاس اعبدوا الله واتقوه، هذَا لَيْسَ بمعقول لكن لو فرض أنَّه دعا فهل يسمعون سماعًا ينتفعون به؟
قُلْنَا: إن نفي السَّماع يطلق عَلَى نفي السَّماع النَّافع كما فِي قوْله تَعالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١)} [الأنفال: ٢١]، هم يسمعون بآذانهم لكن لا يسمعون سماعًا ينتفعون به، ولا نحمله عَلَى الإطلاق لأَنَّ سماع الموتى قد وردت بِهِ الآثَار، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أنَّه وقف عَلَى أصحاب قَلِيبِ بَدرٍ من المشرِكِينَ وجعل يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فُلان بن فُلان، يا فلان بن فلان،