* قولُه تعالى:{لِيَكْفُرُوا}: (اللام) هنا للعاقبةِ، يعني أنهم بإشراكِهم صارَ عاقبتُهم الكفرَ بما آتاهم الله عز وجلَّ وقوله:(آتاهُم) أي أعطاهُم.
وهل الباء في {بِمَا آتَيْنَاهُمْ} للسببيَّة، أو للتخصيص بمعنى أنهم يَكْفُرُونَ بِهَذا الشَّيء؟
الجواب: يحتملُ أنْ تكونَ للسببيةِ، أي بسببِ ما آتاهم الله تَعالَى من الرَّحمة والإنقاذ من الشّدة، صار ذَلِك سببًا لأشرهم وبطرهم وكفرهم، كما هي عادة الإنسان إلا من عصمه الله عز وجلَّ أو يُقَال:{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}، أي: يكفروا بِهَذا الشَّيء الَّذي آتيناهم حيْثُ لا يؤدونَ شُكرَه، وكان الواجبُ عليهم أن يؤدوا الشُّكر للهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
وقوْله سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{فَتَمَتَّعُوا}: هَذا يسمونَه في البلاغة التِفاتًا، يعني لم يقل: وليتمتعوا، كما قال في آية أخرى، ولكنه أمرهم أنْ يتمتعوا، والأمرُ هنا للتهديدِ كما قال المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} أريدَ به التَّهديد {فَتَمَتَّعُوا}]؛ فالأمر هنا للتهديد وليس للإباحة، والدَّليل عَلَى ذَلِك قوْله تَعالَى:{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.