[الآية (٢٦)]
* * *
قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [الروم: ٢٦].
قوْله تَعالَى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الضَّمِيرُ في قولِه: (لَه) يَعودُ عَلَى الله، وهُو خبَرٌ مقدَّمٌ، وتقْدِيمُ الخبَر - كَما هُو معْروفٌ في عِلْمِ البَلاغةِ - يُفيدُ الحَصْرَ، يعْنِي: فاللهُ وحْدَه لَه مَنْ في السَّموَاتِ وَالأرْضِ.
وقوْله تَعالَى: {فِي السَّمَاوَاتِ}: جارٌّ ومجرور متعلِّق بمحْذُوفٍ تقْدِيرُه: (استَقرَّ)، لأَنَّ الجارَّ والمجْرورَ الواقِعَ صِلةً للمَوْصولِ يُقَدَّرُ بفِعْلٍ، بخِلَافِ الواقِع خبرًا لمبتَدَأٍ، فإِنَّهُ يُقدَّر باسْمٍ، ولْيُنتبهْ للْفَرْق بَيْنَهُما، الجارُّ والمجْرورُ أوِ الظّرفُ إِذا وقَع صِلَةَ لموْصُولٍ فَقَدّرْ متعلِّقَه فعلًا؛ لأَنَّ الأصْلَ في صِلَةِ المَوْصولِ أنْ يكُونَ جُمْلَةً، لكِنْ إِذا وقَع الجارُّ والمجْرُورُ أوِ الظَّرْفُ خبرًا لمبْتَدَأٍ فقَدِّرْه باسْمٍ؛ لأَنَّ الأصْلَ فِي الخَبَرِ أنْ يكُونَ مفْرَدًا لا جُمْلَةً، تقولُ: (زَيدٌ في البَيْتِ) فقدّرْه (كَائِنٌ في البَيْتِ)، لأجْل أنْ يكُونَ (زَيدٌ) مبتدَأً، و (كَائِنٌ) خَبَرٌ، لكِنْ لوْ قُلْتَ: (زيدٌ فِي البَيْتِ) أيْ زْيدٌ استقَرَّ في البَيْتِ، صَار الخبَرُ جملْةً والأصْلُ فِي الخبَرِ أنْ يكُونَ مُفرَدًا، أمَّا إِذا قُلْت: (يُعْجِبُني الَّذِي فِي المَسْجِد)، لا تقُلِ: (الَّذي كائِنٌ في المسْجِد)؛ لأنَّك إذَا قدَّرْت (الَّذِي كائِنٌ في المسْجِد) لَزِم أن تُقَدّر مبتدَأً أيْضًا، أيْ: (الَّذي هُو كَائِن فِي المسْجِد)، لأَنَّ صلَةَ المُوْصولِ لَا بُدَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute