للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٩)]

* قال اللهُ عز وجل: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)} [الروم: ٣٩].

* * *

لمَّا أمرَ الله تَعالَى بإيتاءِ ذي القربى حقه فِي قوْله تَعالَى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ} إِلَى آخره، حذَّر من هَذَا الأمر {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ}، والرّبا فِي اللُّغَة الزّيادةُ كقوْله تَعالَى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: ٥]، أي علت، ومنه الرَّبْوَةُ للمكانِ المرتفعِ، أمَّا فِي الشّرع فالرِّبا المحرَّمُ هُوَ زيادةٌ فِي أَشْيَاءَ أو نَسِيءٌ فِي أَشْيَاءَ، فَهُوَ إمَّا أَشْيَاءُ يزيدُ فِيهَا كما لو باعَ صاعًا من البُرِّ بصاعين مِنْهُ ولو يَدًا بِيَدٍ فَهُوَ ربًا: ربَا فَضْلٍ. أو باع دنانيرَ بدراهمَ مَعَ تأخيرِ القبْضِ فَهَذَا رِبَا نَسِيئَةٍ، وكلاهُما محُرَّمٌ.

وأما الرّبا هُنَا فِي الآية {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} فالمُرَادُ بِهِ الزّيادة فَهُوَ رِبًا لُغَوِيٌّ، هَذَا هُوَ الَّذي علَيْه جمهورُ المفسرين، فقوْله تَعالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ} أي وما أعطيتُم من ربًا ليربوا فِي أموالِ النَّاسِ فلا يَرْبُو عندَ الله، وقولنا: وما أعطيتُم من ربًا؟ فسره المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ بقوله: [بِأَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا هِبَةً أَوْ هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهُ]، تُهدِي لشخصٍ لأجلِ أنْ يعطيَك أكثرَ أو تَهِبُهُ من أجلِ أن يَرُدَّ عليكَ أكثرَ مما وهبتَ الآن آتيتَ شَيْئًا ليرد عليك أكثر منه، نقول آتيتَ ربًا.

<<  <   >  >>