لَكِنْ إِذَا قَالَ قَائِلٌ: أنا مَا أعطيتُ ربًا أنا أعطيتُ شَيْئًا حصل بِهِ الرِّبا؟
أجاب المُفَسِّر رَحَمَهُ الله عن هَذَا:[فَسُمِّيَ بِاسْمِ المَطْلُوبِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي المُعَامَلَةِ]، فيكونُ هَذَا الَّذي أعطى ليُعطى أكثرَ كأنَّه أعطى رِبًا لأنه أُعطِيه، هَذَا مَا علَيْه أكثر المفسرين.
وَعَلَى هَذَا فيكون الرِّبا هُنَا لُغَوِيًّا، وهنا قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله:[هِبَة أَوْ هَدِيَّة] الفرقُ بَيْنَ الهبةِ والهديةِ أن الهبةَ يقصد بِهَا مجردَ الإحسَانِ إِلَى المُعطَى فَقَطْ، والهديةُ يُقصدُ بِهَا التَّوددُ والإكرام؛ وَلهذا قَالَ الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"(١)، يوجدُ شيءٌ ثالثٌ يُسَمَّى صدقةً يُقْصَدُ بِهِ ثوابُ الآخرةِ فما يُقصدُ بِهِ ثوابُ الآخرةِ فَهُوَ صدقةٌ، وما يُقْصَدُ بِهِ التَّوددُ والإكرامُ فَهُوَ هديةٌ، وما يُقْصَدُ بِهِ نفعُ المعطَى فَهُوَ رِبًا.
قوْله تَعالَى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} كأنَّ الله عَزَّ وجلَّ حذَّرَ مِنْ أن يؤتي الإنسانُ أحدًا من ذوي القربةِ أو المساكينِ أو ابنِ السّبيلِ لأجلِ أنْ يُعطى أكثرَ.
قوْله تَعالَى:{فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} أي فلا يزيد عند الله عزَّ وجلَّ لأَنَّ هَذِهِ الحالةَ حالُ دُنْيَا نازلةٍ، وَلهذا نهى الله عنها رسوله - صلى الله عليه وسلم - فِي قوْله تَعالَى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦)} [المدثر: ٦]، يعني لا تُعطِ لأجلِ أنْ تعطَى أكثرَ، ولما كانتْ هَذِهِ الحالة نازلةً، قَالَ هُنَا {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} قَالَ المُفَسّر رَحَمَهُ الله: [{ليَربُوا فِىَ أَموَالِ الناسِ} المُعطينَ أي يزيدُ]، {فَلَا يَرْبُو} يعني فلا يزيدُ، قَالَ المُفَسِّر: [فلا يَزْكُو {عِنْدَ اللَّهِ} أي لا ثَوابَ فِيهِ للمُعطينَ]، وَذَلِكَ لأنَّهَا حالٌ لا تنبغي فلا يَكُون فِيهَا أجرٌ عند الله عز وجل هَذَا مَا ذكره المفسرون فِي تفسير هَذِهِ الآية ورَوَوْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاس وغيره.
(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١/ ٢٠٨، رقم ٥٩٤).