للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢١)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١].

* * *

قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} فَخُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ، وَسَائِرُ النَّاسِ مِنْ نُطَفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} وَتَأْلَفُوهَا {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ} جَمِيعًا {مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ} المَذْكُورِ {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فِي صُنع الله تَعَالَى] اهـ.

بَدأ أوّلًا بخلْقِ النّفْسِ، ثمَّ بخَلْق الزَّوْجِ؛ لأنَّهُ لَا يَتمُّ التّناسُلُ إِلا بالأَزْوَاجِ، ونَقُولُ في قوْلِه تَعالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ} كَما قُلْنَا فِي قوْلِه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ} أنَّ معْنَى قوْلِه سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أيْ مِنْ ذَوَاتِكُم، فعَلَى رأْيِ المُفَسِّر المُرادُ بالنّفْسِ هُنَا الذّاتُ.

وقوْله تَعالَى: {أَنْ خَلَقَ لَكُمْ}: (اللامُ) للاخْتِصاصِ وليْسَت للِمُلْكِ؛ لأَنَّ الإنْسَانَ لَا يمْلِكُ زوْجَتَه، ويُحْتَملُ أنْ تَكونَ للتَّعْلِيل كَما فِي قوْلِه تَعالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]، أيْ خَلَق لأجْلِكُم، لكِنَّ المَعْنى أبْلَغُ فِي الإنْعَامِ، حيْثُ إنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ زوْجَتُه تخْتَصُّ بِه؛ وَلهذا لَا يجوزُ للْمَرْأَةِ أنْ تتَزَوَّجَ أكْثَر مِنْ رَجُلٍ فِي آنٍ واحِدٍ.

<<  <   >  >>