[الآية (٣٦)]
* * *
* قال اللهُ عَز وجلَّ: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦)} [الروم: ٣٦].
قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ} كُفَّار مكَّة وغيرَهم].
هَذَا أحسنُ حيثُ جعلها عامةً، وأفادنا المُفَسِّر بقوله: [كُفَّار مَكَّة وغيرهم] أنَّ المرادَ بالنَّاسِ هُنَا الكفَّار، فيكونُ من بابِ العالم المستعملِ فِي الخاصِّ، والعامُّ المرادُ به الخصوصُ غيرُ العامِّ المخصوصِ، وفي أصولِ الفقهِ أنَّ العامَّ المخصوصَ غير العامِّ الَّذي أُريدَ بِهِ الخصوصُ، فالعامُّ الَّذي أُريدَ بِهِ الخصوصُ لم يُردْ معنى العُمُومِ فِيهِ من أوّلِ الأمرِ، وإنَّمَا أُريدَ بِهِ المَعْنَى الخاص فَقَطْ، كقوْله تَعالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} [آل عمران: ١٧٣]، لم يُردْ بِهِ عُمُوم الناسِ من الأولِ، وأما العام الَّذي دخله التّخصيصُ يعني العامَّ المخصوصَ فَهُوَ أُريدَ بِهِ العُمُومُ، وَهُوَ تناولُه لجميعِ الأفرادِ ثمَّ أُخرج بعضُ أفرادِه من هَذَا الحُكم، فيكونُ عامًّا مخصوصًا.
وَعَلَى هَذَا فلا يمكنُ أنْ يستدلَّ مستدِلٌ بالعامّ المرادِ بِهِ الخصوصُ عَلَى عُمُومِ الحكمِ؛ لأَنهُ لم يُرَدْ بِهِ العُمُومُ، بخلافِ الثَّاني: العام المخصوص، فإِنَّهُ يمكنُ أنْ يُستدلَّ بِهِ عَلَى عُمُومِ الحكمِ، ويقولُ لمَنْ أخرجَ شيئًا مِنْ أفرادِه: هاتِ الدَّليلَ عَلَى التّخصيصِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute