الفائِدَةُ الحادِيَةَ عَشرَةُ: ظهورُ عدلِ الله سبحانه وَتَعَالى وإلَّا لكانَ عز وجل يعذبُهم بدون أنْ يقيمَ عَلَيْهِمُ الحُجةَ، ولكنْ لإظهارِ عَدْلِه سبحانه وَتَعَالى صارَ يطالبُ بحُجةِ هَؤُلاءِ مَعَ العِلْم بأنهُ لا حُجَّةَ لهم، ومن هَذَا النَّوع المَوَازينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، والكُتُبُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فكل هَذَا لإظهارِ عدلِ الله، وإلَّا فإن الله تَعالَى له الحُكْمُ وَإلَيْهِ المُنتهى، قادرٌ عَلَى أن يعذب بدونِ ميزانٍ وبدون كتابٍ، ولَكِنَّهُ سبحانه وَتَعَالى لكمالِ عدلهِ يُعطَى الإنسانُ كتابَه ويُقال له: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٤]، قَالَ بعضُ السَّلفِ: "لَقَدْ أنصَفَكَ مَنْ جَعَلَكَ حَسِيبًا عَلَى نَفْسِكَ" (١)، لو كَانَ بينكَ وبينَ أحدٍ معاملةٌ من حسابٍ وصادرٍ وواردٍ، فقلتَ له: خُذِ الدَّفتر أنْتَ وحاسبْ، فلا شك أن هذا عدلٌ، بخلاف مَا لو أجملتَ الحساب وقلتَ: عليكَ كذا ولكَ كذا، وقد يَكُون فِي هَذَا شبهةٌ، لكن كونه يعطيكَ الدَّفتر ويقول: (أنتَ حَاسبْ نَفْسَكَ)، فَهَذا غايةُ الإنصافِ.
* * *
(١) إيجاز البيان عن معاني القرآن لأبي القاسم النيسابوري (٢/ ٤٩٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute