للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٢)]

* * *

قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: ٢٢].

* * *

قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} أَيْ لُغَاتكُمْ مِنْ عَرَبِيَّة وَعَجَمِيَّة وَغَيْرهَا {وَأَلْوَانِكُمْ} مِنْ بَيَاض وَسَوَاد وَغَيْرهمَا وَأنتُمْ أَوْلَاد رَجُل وَاحِد وَامْرَأَة وَاحِدَة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} دَلَالَات عَلَى قُدْرَته تَعَالَى {لِلْعَالِمِينَ} بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا أَيْ ذَوِي العُقُول وأولي العلم] اهـ.

اعلَمْ أنني راجَعْتُ الكثير من التَّفاسِير فَمَا وجَدْتُ الحِكمَة في أنَّه سُبحَانَهُ وَتَعَالى يقُولُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ}، يعْنِي ما رأَيْت أحدًا بَيَّن الحِكْمَة فِي كوْنِه يأْتِي مرَّةً بالمَصْدَرِ، ومرَّةً بِـ (أَنْ) الدّاخلَةِ عَلَى الفِعْل، هِي تُؤَوَّلُ بمصْدَرٍ، لكَنْ هَل نقُول إِنَّ هَذا مِنْ بَابِ الاخْتِلاف في التّعْبير المُراعَى بِه جانِبُ اللَّفْظ، أوْ أنَّه مِن بابِ التَّعبيرِ المُراعَى بِه جانِبُ المَعْنى؟ فَإِنْ قُلنا أنَّه مِن بَابِ التَّعبير المُراعَى به جَانِبُ اللَّفْظُ فالأَمْر بَسِيطٌ، ونَقُول إِنَّ الله تَعالَى غايَرَ بَيْن العِباراتِ لأَجْلِ أنْ لَا يَمَلَّ السَّامِعُ إِذا كَان الكَلامُ عَلَى وَتِيرَةٍ واحِدَةٍ؛ لأَنَّ الاخْتِلافَ في التَّعبِيرِ ممَّا يَزِيدُ الإنسانَ نَشاطًا وتجَدُّدًا، أمَّا إِذا قُلْنا إِنَّ هناكَ أمْرًا معنَوِيًّا فأنَا إِلَى الآنَ مَا عرَفْتُه، ولا ذَكرَه الزّمخشَرِيُّ ولَا أَبُو السُّعودِ، ولَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ يتكلَّمُونَ عَلَى مثْلِ هَذِهِ الأُمُورِ.

<<  <   >  >>