للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا أصلَ له لا في الكتابِ ولا في السُّنة، فهذه الصَّلاة عند المقسمين من قسمِ الفروعِ وهي من آصلِ الأصولِ، هي الرُّكن الثَّاني من أركان الإسْلام، ومع ذَلِك هي عندهم من قسم الفروعِ، وأشياء يَخْتَلِفُونَ فيها وهي عِنْدَهُم من قسمِ الأصولِ، ويرونَ أنَّ للاختلافَ فيها مُساغًا كاختلافهِم في رؤية النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه، واختلافهم في نَعِيمِ القبرِ وعذاب القبر في بعض الصُّور، وما أشبهَ ذَلِك مما هو من العقائد، ومع ذَلِك يرون أنَّ الاخْتِلافَ فيه سائغٌ.

فالشَّاهدُ أنَّ المدارَ كلَّه عَلَى قاعدةٍ من قواعدِ الشّرعِ، وَهِيَ قوْله تَعالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، فمَنِ اجتهدَ في طلبِ الحقِّ وتحرَّاه ولكنه لم يوفقْ له مع حُسْنِ النِّيةِ وصحةِ المَسْلَكِ فلا يمكن أنْ نقولَ: هَذا آثم، مثلًا يوجد عُلَمَاءُ أجِلَّاء نشهدُ لهم بالدِّينِ والصَّلاحِ وحُبّ الإسْلامِ والانتصار للإسلام، ومع ذَلِك هم مخالِفونَ للسلفِ في العقيدةِ، ونحبهم ولا نؤثمهم كابنِ حَجَرٍ، وابن الجوْزِيِّ، وَكَذلِكَ النَّوَوِيُّ، وطوائف من العلَماء معروفينَ بالصَّلاحِ والإصلاحِ وحب الخيرِ، ونعلم أنهم مجتهدونَ، نَعَم الإنسانُ الَّذي تبيَّن له الحق ولكنه عانَد وأصرَّ فيُعامَل بما يقتضيهِ عنادُه وإصرارُه.

وهنا قوْله تَعالَى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا} هِيَ فِي مَسْأَلة أُصُولِية فِي الشِّرك، لو كَانَ لهم حُجَّةٌ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا مَا استحقوا العذابَ ولا اللومَ ولكنْ لَيْسَ لهم حُجَّةٌ.

الفائِدَةُ العَاشِرَةُ: أنه لا بُدَّ أنْ يكُونَ السُّلطانُ أو الحُجة الَّتِي يحتجونَ بِهَا واضحة؛ لقوْلِه تَعالَى: {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ}، والتّعبيرُ بالكلامِ هُوَ أوضحُ مَا يَكُونُ مِنَ الإظهارِ.

<<  <   >  >>