للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائِدَةُ السّابِعَةُ: أنَّ أولئك المُشْرِكِينَ لَيْسَ لهم حجةٌ عَلَى شِركهم؛ لقوْلِه تَعالَى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا}.

الفائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنَّ مَنْ صنع شيئًا بدليلٍ فلا لوم علَيْه؛ يُؤخذ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا}، يعني لو كان لهم سلطانٌ لا نلومهم ولا نعذبهم.

الفائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن المجتهدَ المتأوِّلَ لا إِثْمَ علَيْه لاعتماده في اجتهادِه عَلَى دليلٍ، يعني أنه استند إِلَى دليل، وَلهذا لم يُضَمِّن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ بْنَ زيدٍ الرَّجلَ الَّذي قتلَه بعد أن قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله (١)؛ لأنهُ مُتَأوِّلٌ، ولم يُلزِم عَمَّارَ بْنَ يَاسِر بقضاءِ الصَّلاة حين تيممَ عن الجنابة بالتَّقلب عَلَى الأرْض والتَّمرُّغ فيها (٢)، لأَنَّهُ مُتَأوِّلٌ، ولم يُلزمِ المرأةَ المُستحاضةَ بقضاءِ الصَّلاة وهي تتركها وقت الاستحاضة (٣)؛ لأنَّهَا مُتَأوِّلَةٌ.

وعلى هَذا فكل مُتَأَوِّلٍ يظن أنه عَلَى صواب فإنَّهُ لا إثمَ علَيْه، لكن هل هَذا يشمل الأصولَ والفروعَ أو هو خاصٌّ بفروعِ الدِّين؟

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ: إنَّه يشملُ الأصولَ والفروعَ (٤)، وأنكرَ شيخُ الإسْلام وتلميذُه ابنُ القَيِّمِ أنْ يكُونَ الدِّين منقسِمًا إِلَى أصول وفروع، وقال: إن هَذا التَّقسيمَ


(١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة، رقم (٤٢٦٩)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، رقم (٩٦).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، رقم (٣٤٧)، ومسلم: باب التيمم، رقم (٣٦٨).
(٣) أخرجه أبو داود: كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، رقم (٢٨٧)، والترمذي: أبواب الطهارة، باب في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، رقم (١٢٨)، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها، قبل أن يستمر بها الدم، رقم (٦٢٢).
(٤) مجموع الفتاوى (١٣/ ١٢٥).

<<  <   >  >>