وقوْله تَعالَى:{بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ}: (الباء) هنا للاختصاصِ أيضًا، أي يتكلم بِهَذا الشَّيء ويقول إنَّه حق.
والجوابُ: لا، إِذَنْ فليس عندهم حُجَّةٌ لا عقلية ولا فطرية، أمَّا العقلية فقد سبق أنَّ فطرة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى كلها الإِخْلاص لله، وأما الشَّرعية فإِنَّهُ لم يأتِ في كتابٍ من الكتب المنزلة أن الشِّرك حق، فجميعُ الكتب المنزلة وجميع الرّسل المرسلين كلهم يقُولونَ: اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره، وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥].
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدَةُ الأولَى: أن الله تَعالَى قد يجعلُ النِّعم سببًا للكُفر ويكونُ كفرهم عَلَى هَذا النَّحو؛ لقوْلِه تَعالَى:{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}؛ لأننا ذكرنا أن اللام هنا للعاقبة.
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: إثْبَات الأسبابُ إذا جعلنا (الباء) في قوْله تَعالَى: {بِمَا آتَيْنَاهُمْ} سببية، أمَّا إن جعلناها للاختصاص فليس فيها دليل.
الفائِدَةُ الثَّالثةُ: أن ما أصابنا من نِعَمٍ فإِنَّهُ من الله؛ لقوْلِه تَعالَى:{بِمَا آتَيْنَاهُمْ}.
الفائِدَةُ الرابعةُ: تهديدُ الكَافِرِينَ، وأنَّ انبساطَهم بنِعَمِ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ضررٌ عليهم لقوْلِه تَعالَى:{فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
الفائِدَةُ الخَامِسَةُ: بلاغةُ القرآن، وَذَلِكَ بالانتقال من الغَيْبَةِ إِلَى الخِطاب الَّذي يسمى في اصطلاح البلاغيين التِفاتًا.