للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمعناه النَّفي، يعني: هل نحن أنزلنا عليهم سلطانًا يؤيد شركهم ويثبته ويقول إِنَّه حق؟ والجواب: لا، ما أنزلنا ذلك.

يقول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: {سُلْطَانًا} حُجَّةً وَكِتَابًا]، والحجة تسمى سلطانًا لأَنَّ المحتَجَّ بها له سلطة عَلَى المحجوج؛ فلِهَذا تُسمى سلطانًا، كما قال الله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} [يونس: ٦٨]، أي حجة، واعلم أن السُّلطان يُطلق عَلَى عدة معانٍ، فيجمعها كلها السُّلطة عَلَى الشّيء، فتارةً تأتي بمعنى الحاكم كما جاء في الحديث: "فَإِن تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ له" (١)، وَكَذلِكَ: "إِنَّ الله يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالقُرْآنِ" (٢)، وتأتي (السُّلطان) بمعنى الحُجة وهو كثير، وتأتي بمعنى القُدْرَة مثل قوْله تَعالَى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣)} [الرحمن: ٣٣]، أي بقدرة وليس لكم قدرة، وكلها يجمعها هَذا المعنى السُّلطة الَّتِي بها السَّيطرة والغَلَبَةُ.

وقوْله تَعالَى: {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ}؛ قال المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [تكَلُّمَ دلَالَةٍ]؛ فهو يتكلم بلسان الحال وليس بلسان المقال، هَذا ما قاله المُفَسِّر رَحَمَهُ الله ولكنه يحتمل أن تبقى عَلَى ظاهرها لأَنَّ الَّذي يَنزل من عند الله كلامُ الله، وكلامُ الله تَعالَى يصح أن ينسب الكلام إِلَيْهِ كما في قوْله تَعالَى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} [الجاثية: ٢٩]، وكما في قوْله تَعالَى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦)} [النمل: ٧٦].


(١) أخرجه أبو داود: كتاب النكاح، باب النكاح، باب في الولي، رقم (٢٠٨٣)، والترمذي: أبواب النكاح، رقم (١١٠٢)، وابن ماجه: كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، رقم (١٨٧٩).
(٢) أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة من قول عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (٢/ ٩٨٨).

<<  <   >  >>