هَذِهِ مبتَدَأٌ بدَلِيل قولِه: (خَيْرٌ مِنْ أنْ تَراهُ)، معَ أنَّه ليْس فِيها حرْفٌ مصْدَرِيٌّ تنْسَبِكُ بِه.
والوَجْهُ الثَّاني: أنْ نقُولَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ} متعلِّقة بـ {يُرِيكُمُ}، يعْنِي يُريكُم مِن آيَاتِه البَرْقَ خوْفًا وطمَعًا.
ويُرجِّحُ الوجْهَ الأوَّلَ سِياقُ الآيَاتِ، سِياقُ الآيَاتِ كُلِّها يدُلُّ عَلَى أنَّ هَذا الفعْلَ مُنْسَبِكٌ بمَصْدَرٍ، والتَّقدِيرِ: (ومنْ آيَاتِه إِراءَتُكم)، كالآيَات الَّتي قبْلَها، {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ} {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، ويُرجِّحُ الوجْهَ الثّانِيَ أنّنا نتَحاشَى انْسِبَاكَ المَصْدَرِ بدُونِ حرْفٍ مصْدَرِيٍّ.
قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا} لِلْمُسَافِرِ مَنَ الصَّواعِقِ، {وَطَمَعًا} لِلْمُقِيمِ فِي المَطَرِ].
قوْلُه تَعالَى: {خَوْفًا} مفعولٌ لأجْلِه، وهذا مُشْكِلٌ لأَنَّ ابنَ مالكِ رَحَمَهُ اللَّهُ يقول (١):
وَهْو بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحدْ ... وَقْتًا وَفَاعِلًا ......
وهُنا {يُرِيكُمُ} الفاعِل الله، والخائِف الطَّامِعُ: بَنُو آدَمَ، فاختَلَف الفَاعِلُ، فالوَقْت متَّحِدٌ ولكنَّ الفاعِلَ لم يتَّحِدْ، وعلَيْه فيَكُون {خَوْفًا} مصدَرًا في موْضِع الحَالِ، أي: يُرِيكُم البَرْق خائِفِينَ وطَامِعينَ، أمَّا إِذا أسْقَطْنا اشْتِراطَ ابْنِ مالكِ رَحَمَهُ اللهُ اتِّحادَ الفاعِلِ فتكُون {خَوْفًا} مفعولًا لأجْلِه.
(١) البيت رقم (٢٩٩) من الألفية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute