إِمَّا أنْ نقُولَ: كلُّ صفَةٍ تَثْبُت للمَخْلوقِ نُثْبِتُها للخالِق، وهَذا لا يُمْكِنُ ولَا يسْتَقِيمُ، إنَّما مِن حيْثُ الجِنْس كُلُّ صفَةِ كمَالٍ في المَخْلُوقِ فاللهُ أَوْلى بِها، والسَّمع مُؤَيّدٌ، قَالَ تعالَى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} فِيما ورَد مِنَ الصِّفاتِ؟
قُلْنَا: لَا، بَلْ مُطْلَقًا، حتَّى الأشْيَاءُ الَّتي قَدْ لَا تكون موْجُودةً في النّصِّ وهِيَ مِن صِفَاتِ الله، قصْدِي أنَّها مِنَ الكَمالِ، فاللهُ تَعالَى مُتَّصِفٌ بِها, لكِنْ في الصِّفاتِ الخبَرَّيةِ قدْ نَقُولُ أنَّه يَمْتَنِعُ أنْ يُقاسَ الله بِالخلْقِ حتَّى قِياسَ الأَوْلى كَالعَيْن وَاليَدِ ومَا أشْبَهَها، فهَذِه قَدْ نقُولُ: لَا يُمْكِنُ أنْ نَقِيسَ فِيها قِيَاسَ الأَوْلى، فالأُذُن في المَخْلُوقِ كَمالٌ لكِنَّها في الخالِق لا تثْبُتُ لَهُ؛ لأنَّهَا لمْ يَرِدْ بِها الشّرعُ.
الفوَائِدُ الثّامِنهُ والتّاسِعةُ والعَاشِرَةُ: إثْبَاتُ العِزَّةِ؛ لقوْلِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الْعَزِيزُ} وإثْبَاتُ الحِكْمةِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {الْحَكِيمُ}، وإثْبَاتُ الحُكْمِ أيْضًا مِنْ قوْلِه تَعالَى: {الْحَكِيمُ}.
الفائِدَةُ الحادِيَةَ عشْرَةَ: يتفرَّع عَلَى إثْبَاتِ الحِكْمَةِ قطْعُ الاعْتِراضِ عَلَى الخَلْق والشّرع، بمَعْنى أنَّك لا تعْتَرِضُ عَلَى خَلْقِ الله أوْ عَلَى شرْعِه، وإنَّما تُسَلّم؛ لأَنَّك إِذا آمَنْت بالحِكْمَةِ وأنَّ الله تَعالَى حَكِيمٌ فحِينَئِذٍ ينْقَطِعُ الاعْتِراضُ نِهائِيًّا، فلا تَقُلْ لمَ؟ ولَا مِن أيْنَ؟ إِلا عَلَى سَبِيل الاسْتِرْشادِ.
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ عشرة: اطْمِئنانُ الإنْسانِ التَّامِّ بما قَدَّرَ الله تَعالَى وشَرَعَهُ، حيْثُ أنَّه صادِرٌ عَنِ الحِكْمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute