كَذَلِكَ لا يعْلَمُ مَا يترتَّبُ عَلَى هَذا مِنْ جَزاءٍ بالثَّوابِ الجزِيل لمنْ قَام بِهِ، وبِالعُقوبَةِ والعَذابِ الأَلِيم لمَنْ خالَفه.
المُهِمُّ: أنَّ حذْف المفعُولِ يقْتَضي العُمُومَ، وهذِه قاعِدَةٌ معروفَةٌ عنْد أهْل العِلْم، أنَّ حذْف المعْمُول يفيدُ العُمُومَ، ولَهُ أمْثِلةٌ كثِيرَةٌ في القُرآنِ، وفِي كَلامِ العَربِ، ومنْه - بَلْ مِن أوْضَحِه - قوْلُه تَعالَى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٦ - ٨]، قولُه تعالى: {فَآوَى} الإيواءُ للرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - ولمِنْ تَبِعَه، وقولُه: {ضَالًّا فَهَدَى} الهدايَةُ له ولمِنِ اهْتَدى بسُنَّتِه، وقولُه: {فَأَغْنَى} الغِنَى لهُ ولأُمَّتِه، قَال - صلى الله عليه وسلم -: "وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلي" (١).
المُهِمُّ: أنَّ تخصِيصَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله بقولِه: [كُفَّار مكَّةَ] لَا وجْهَ لَهُ، والصَّوابُ أنَّ أكْثَر النَّاس مِن بَني آدَم - مِن كُفَّارِ مكَّةَ وغيرِهم - لَا يعْلَمُون.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: كونُ السّورة مكيَّةً ألا يدُلُّ عَلَى أنَّ الخِطابَ خاصٌّ بأهْلِ مكَّةَ، كَما قَال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ؟
إذَا قُلنا بالعُمُومِ شَمِل كُفَّارَ مكَّةَ، فكَان فِيه التَّسلِيَةُ للرَّسولِ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأمَّا كوْنُ السُّور مكيَّةً فَلا يدُلُّ عَلَى أنَّ جَمِيعَ الخِطاباتِ الَّتي فيها تُشِيرُ إِلَى أهْل مكَّةَ، بلْ هِي عامَّةٌ.
مسْألةٌ: هلْ يأْجُوجُ ومأْجُوجُ مِن بَني آدَم؟
نعَم، هُم مِن بَني آدَم؛ وَلِهَذا الصّحابَةُ - رضي الله عنهم - لما حدَّثَهم بأنَّ بعْثَ النَّارِ تِسعُمئَةٍ وتِسعةٌ وتِسعُونَ مِن الألف فَزِعوا، قَالُوا: يا رَسُولَ الله أيُّا ذَلِك الواحِدُ؟
(١) أخرجه البخاري: كتاب التيمم، باب قول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، رقم (٣٣٥)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم (٥٢١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute