للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصّواب، وكلا الأمرين بالنّسبة إِلَى الله محُالٌ وممتنِعٌ، وأي أحد يصف الله بِهَذا أو بما يستلزم هَذَا فإِنَّهُ كافر بلا شك.

إِذَن: الرُّسل - علَيْهِمُ الصّلاةُ والسّلامُ - هم أشرفُ أصنافِ الخلقِ وهم أحق النَّاس بالرّسالة بلا شك ولا أحد أحق منهم، ويوجد - والعياذُ باللهِ - بعض النَّاس - الفلاسفة - يرون أن الرّسل من آخر مراتب الخلق ويقولون إن الولي أفضل من النّبي، والنّبي أفضل من الرَّسول لأَنَّ الولي خاص الخاصة، وليّ عَلَى اسمه، والنّبي لَهُ مَزِيَّةُ الوحي، والرَّسول بمنزلة الخادم الَّذي فِي البيت يُرْسَلُ ليشتريَ الحوائج، انظر كَيْفَ - والعياذُ باللهِ - الضّلالَ ويقولون فيما يقولون (١):

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ ... فُويقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الوَلِي

أعوذ بالله، مقام النّبوة برزخ فويق الرَّسول، يعني فوق الرَّسول بقليل وبالنّسبة للولي دون منحط بعيد عن الولي، وَعَلَى هَذَا فتكون رتبة الولاية عِنْدَهُم أعلى شيء، وَهَذا لا شك أنَّه كُفْرٌ، بل نقول إن مقامَ الرِّسالة فوق كل شيء ثمَّ النّبوة ثم الولاية، لأَنَّ الرَّسول جامع بَيْنَ الرّسالة والنّبوة والولاية والنّبي لَهُ النّبوة والولاية والولي لَهُ الولاية دون النّبوة والرّسالة، ومعلوم أَنَّه كلما ازدادت صفة الكمال فِي شخص كَانَ أكمل من غيره.

قوْله تَعالَى: {إِلَى قَوْمِهِمْ} القوم هم الطّائفة الَّذِين ينتسب إليهم الإنسان لأَنَّ


(١) نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن ابن عربي في منهاج السنة (٥/ ٣٣٦)، وفي كتاب لطائف الأسرار لابن عربي، ط. دار الفكر العربي (ص: ٤٩):
سماء النبوة في برزخ ... دوين الولي وفوق الرسول
وفي الفتوحات المكية (٢/ ٢٥٢) يقول:
بين الولاية والرسالة برزخ ... فيه النبوة حكمها لا يجهل

<<  <   >  >>