ويسألوه، فكيف إِذَنْ بالَّذي يدعي أنَّه يُوحَى إِلَيْهِ، لا يقبل إِلَّا إِذَا جاء بآية فَهَذَا من حكمة الله.
من رحمته أيضًا أَلَّا يعاقب أحدًا بذنب بدون حجة لأنَّهُ لو أرسل الرّسل بدون آيات وكذبهم الأمم لكانوا معذورين بالتكذيب لعدم وجود الآية، وقد لا يُعذرون لأنهم يجب عَلَيْهِم أن يستسلموا، لكن من رحمته أن جعل معهم آيات بينات ليطمئن النَّاس إليهم ويؤمنوا بهم عن اقتناعٍ.
وقوْله تَعالَى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} ربما يُستفاد من كلمة {مِنْ قَبْلِكَ} لا رسول بعده كما سنذكره إن شاء الله تَعالَى فِي الفوائد ونناقش هَذِهِ الفائدة.
قوْله تَعالَى:{فَانْتَقَمْنَا} الانْتِقام هُوَ الأخذ بالعقوبة، وَهَذا من فعل الله وليس من أسمائه؛ وَلِهَذا الحديث الَّذي فِيهِ سياق الأسماء الحسنى وَهِيَ مدرجة مَا صحت عن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا أن من أسمائه المنتقم وليس كَذَلِكَ، لَيْسَ من أسمائه بل هُوَ من أوصافه وأفعالِه وَلِهَذا مَا جاء مطلقا قَالَ:{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}[السجدة: ٢٢]، {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} فَهُوَ فِعْلٌ.
وقوْله تَعالَى:{فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} الإجرام فعل الجرم، وكل مَا يَكُون سببًا فِي الإثم فَهُوَ جُرْمٌ، والمُرَاد بالإجرام هُنَا الكفر، وفُهِمَ من الآية الكريمة {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} أن من لم يجرم لم يُنتقم منه؛ وَلِهَذا قَالَ:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الله أكبر، {نَصْرُ} إعرابها اسم (كان)، وخبرها {حَقًّا}، هَذَا أحسن مَا يَكُون فِي إعراب الآية، وأوجه مَا يَكُون وأسهل مَا يكون، وإلَّا ففيها أوجهٌ أُخْرَى.
وقوْله تَعالَى:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا} الحق بمعنى الشّيء الثّابت اللازم {نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}: المؤْمِنينَ بما يجب الإِيمَان بِهِ من الإِيمَان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم