الفائِدَةُ الثَّالثةَ عَشْرَةَ: أن غير المؤْمِنينَ لا ينصرون؛ لقوْلِه تَعالَى:{حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
فإذا أورد إِنْسَان علينا مَا حصل من الانتصارات الخاطفة للكفار فما هُوَ الجواب؟
الجوابُ: أن هذَا استدراجٌ من الله - عز وجل - حتى يتم النّصر للمؤمنين فِي النّهاية، وقد يَكُون من مصلحة المؤْمِنينَ لانهُ نصر لأنفسهم عَلَى أنفسهم ثمَّ أنَّه لا يدوم هذَا النّصر أبدًا، فالعاقبة لا بُدَّ أن تكون للمؤمنين، وقال بعض أهل العِلْم إن النّصر نوعان:
- نصرٌ بالحُجَّةِ والبُرهان.
- ونصر بالسَّيف والسِّنان.
فأما النّصر بالحجة والبرهان فَهُوَ مضمون وثابت وليس فِيهِ استثناء لأَنَّ الحجة والبرهان مَعَ المؤْمِنينَ عَلَى كل حَالٍ حتى لو هُزِموا عسكريًّا فإن الحجة والبرهان معهم، غالِبون بحجتهم وبرهانهم وَهذا لا استثناء فيه.
الثّاني: النّصر العسكري يعني بالسّيف والسِّنان ونحن نقول الآن بالطّائرة والقنابل وما أشبهها، فقد يحصل نصر لغير المؤْمِنينَ امتحانًا للمؤمنين واستدراجًا للكافرين.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل هذه الآية تدُلّ عَلَى ختم الرّسالة بالرَّسول - صلى الله عليه وسلم - لقوْلِه تَعالَى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} أو لا تدل؟
فالجوابُ: قد تدُلُّ من حيْثُ إن الرَّسول مرسل إِلَى النَّاس عامة، والعُمُوم هذَا يشمل العُمُوم فِي الوقت والمكان والأمم وهذا يستلزم أن لا يوجد رسول بعد،