للفصل بَيْنَ عباده، يتكلم بما أراد، كل هذَا مما يتعلق بذاته وَهُوَ قادر علَيْه.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الله يقدر عَلَى إماتة فلان هل يقدر عَلَى أن يميت نفسه، هذَا لا يمكن لا لانتفاء القُدرَة لكن لأَنَّ هذَا أمر لا يليق بِهِ وَهُوَ أشد من العجز.
فنَقُول: امتناع هذَا لأَنَّهُ مستحيل عَلَى الله - عز وجل - وَبهذا السّفاريني - رحمه الله - فِي العقيدة لما ذكر صفة القُدرَة قال (١):
أما المستحيل فَهُوَ مستحيل، لا يمكن، المستحيل أصله مستحيل لا تتعلق بِهِ القدرة.
يُقَال إن الشَّيطان يفرح إِذَا مات العالِم، يفرح فرحًا عظيمًا وَإِذَا مات العابد لا يهمه، قَالَ جنوده لَهُ كَيْفَ تفرح لموت العالم هذَا الفرح ولا تفرح لموت العابد الَّذي طول نهاره فِي المحراب؟ قَالَ نعم لأَنَّ العالم أشد علينا من العابد وَإِذَا شئتم أن أضرب لكم مثلًا الآن، فذهب إِلَى العابد وقال لَهُ هل يقدر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن يجعل السّموَات وَالأرض فِي جوف بيضة؟ قَالَ العابد لا يقدر، قَالَ هل يقدر الله أن يخلق مثله؟ قَالَ:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، يمكن أن يقدر أن يخلق مثله هذَا غير صحيح وغير ممكن فذهب إِلَى العالم فقال لَهُ مثل هذَا القول، قَالَ أمَّا خلق مثله فَهذَا شيء مستحيل ولا يمكن للمخلوق أنْ يكُونَ مثل الخالِق أبدًا مهما كان، وأما كونه يجعل السّموَات وَالأرض فِي جوف بيضة فَهُوَ عَلَى كل شيء قدير، قَالَ الشّيطان: انظروا المِسْكِين العابد كفَرَ من وجهين أثبت مَا لا يمكن
(١) العقيدة السفارينية (ص: ٥٢)، ط. مكتبة أضواء السلف.