للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَدْ ذَكر ابْنُ القيِّم رَحِمَهُ اللهُ في كتابِ (مِفْتَاحُ دَارِ السّعادَةِ) مِنْ هَذا شيئًا كثيرًا، وهَذا قَبْلَ أنْ يَرْتَقِي الطّبُّ إِلَى ما ارْتَقى إِلَيْهِ اليَوْمَ.

الفائدة السّادِسة: أنَّ خالق السّموَاتِ وَالأرْض هُو الله؛ لقوْلِه تَعالَى: {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}، فلَمْ يخْلُقْهُما أحَدٌ، وَلِهَذا قَال فِي سُور الطّورِ {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: ٣٦].

الفائدة السابعة: إثْبَات تعدُّدِ السّموَاتِ وهِي سَبع، وأمَّا الأرْض فَهِي دَائِما تُفْرَدُ فِي القرآنِ، ومَا ذُكِرَتْ في القرآنِ مجمْوعَةً، لكِنْ أُشِير إِلَى أنَّها جَمْعٌ فِي قوْله تَعالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢].

الفائِدَةُ الثّامِنهُ: أنَّ بَيْن السّموَاتِ وَالأرْض مِن المخْلُوقاتِ العظِيمَةِ مَا استَحَقَّ أنْ يُجْعَل قَسِيمًا لخَلْقِ السّموَات وَالأرْض، لقولِه تعالَى: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}، وهَذِه ثلاثَةُ أشْيَاءِ: (السّموَاتُ، وَالأرْض، ومَا بَيْنَهُما)، وكُلُّنا يعْلَم عِظَم الأرْض وعِظَمَ السّماءِ، إِذَنْ: فعِظَمُ مَا بَيْنَهُما مُوازٍ لهُما.

الفائِدَتَانِ التّاسِعَةُ والعاشِرَةُ: عِظَم قُدْرَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ وبَالغ حكْمَتِه، أمَّا الحكْمَةُ فنَأْخُذُها مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {إِلَّا بِالْحَقِّ}، فهِي ليْسَتْ عبَثًا بِل بالحقِّ، أمَّا القُدْرَة فنأْخُذُها مِن عِظَم المقْدُورِ، فعِظَمُ المقْدُورِ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الخلْقِ، وَهَذا مِنَ الدّلالَةِ بِاللَّازِم، وَإِنَّ الله إِذا فتَحَ عَلَى العبْدِ مَعْرِفَةُ لوَازِمِ النّصوصِ اسْتَفادَ بِذَلِكَ فوَائِدَ عظِيمَة، حتَّى أنَّه يأْخُذُ مِنَ النّصِّ الوَاحِدِ مِنَ المسَائِلِ مَا لا يَأْخُذُ غيرُه نِصْفَها أوْ أقَلَّ.

الفائدة الحادية عشرة: أنَّه ينْبَغِي لِلإِنْسَانِ أنْ لا يُضيِّعَ وقتَهُ سبَهْلَلاً (١) وسُدًى؛


(١) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط (ص: ١٣٠٩): "يَمْشِي سَبَهْلَلاً: إذا جاء وذهَبَ في غيرِ شيءٍ".

<<  <   >  >>