قُلْنَا: لا تعارُضَ؛ لأَنَّ هَذا هُو المقْصُودُ، فالسّيْرُ إِلَى موَاقِعِ العذابِ المقْصُودُ بِه الاتِّعاظُ والانْزِجارُ، وَهَذا يتحَقَّقُ بالبكاءِ، وَلِهَذا نَهى النّبيُّ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنْ ندْخُل دِيَارَ ثَمُودَ إلا ونَحْنُ بَاكُونَ، وقَالَ:"إِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوهَا"(١)، وبعْضُ النّاسِ يذْهَبُ إِلَى دِيَارِ ثمُودَ عَلَى سبِيلِ النّزْهةِ والطّرَبِ والتّمتُّعِ بالمنَاظِرِ، وَلِهَذا يأْخُذُونَ لها صُوَرًا؛ إعْجابًا بها لا خوفًا، وَهَذا مِنْ قسْوَةِ القلْبِ - والعياذُ باللهِ -، والجهْلِ بِمَا جَاء بِهِ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأَنَّ غالب هَؤُلاءِ الَّذِين يذْهَبُون لِهَذا المقْصَدِ يَكُونُونَ جاهِلِينَ، ولَا نَقُولُ: إِنَّ كلَّهم عنْدَهم قسْوَةُ قلْبٍ تعمَّدوا مخالفةَ الحقِّ، لكنَّنا نقُولُ أنَّ عنْدَهم شيْئًا مِنَ الجهْلِ أوِ الغالب عليْهِمُ الجهْلُ، وإلا لا يُمْكِنُ أنْ يفرَحَ أحدٌ في مكَانٍ نَهى الرّسُولُ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عنْ دُخُولِه إلا في حَالِ البكاءِ، وإلا فَإنَّ الإنسان الَّذي لا يعْرِفُ مِن نفْسِه اَنه إِذا ذَهَبَ سيتَأثَرُ حتّى يَبْكي لا يَجُوزُ لَهُ أنْ يدْخُلَ؛ لأَنَّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنْ ذَلِك.
(١) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المعَذَّبينَ إلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ"، أخرجه البَخاري: كتاب الصّلاة، باب الصّلاة في مواضع الخسف والعذاب رقم (٤٣٣)، ومسلم: كتاب الزّهد والرّقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذّين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، رقم (٢٩٨٠).