قوْله تَعالَى: {وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا}: أي السّابِقُون عمَرُوا الأرْضَ بالتّجارَةِ والبنَاءِ والمصانِع وغيرِها، فسُلَيْمانُ عليهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قالَ الله لَهُ: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣] والجفانُ الصّحَافُ التي فِيها الطّعامُ، {كَالْجَوَابِ} والجابِيَةُ هِي بِرْكَة الماءِ، فَالصّحْفَةُ مِثْل بِرْكَةِ الماءِ، هَذا عظِيمٌ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} لا تُحمَلُ مِنْ كِبَرها وكثْرَةِ الطّعامِ فِيها، هَذا كُلُّه ومَا هُو مِثْلُه لمْ يحْصُلْ لِقُرَيْشٍ.
قوُله رَحَمَهُ اللهُ: [{جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالحجَجِ الظّاهِرَاتِ]: (الباءُ) للمُصَاحَبةِ أوْ للتَّعْدِية، والمعْنَى أنَّ الرّسَل - علَيْهِمُ الصلاةُ والسّلامُ - جاءَتْهُم مِنْ قِبَل الله تعالى {بِالْبَيِّنَاتِ}، أي بالحجَج البيِّنات، أوْ قُل: بِالآيَات البيِّنَاتِ التي تشْمَلُ الحجَجَ والأحْكامَ؛ فإِنَّ الحكْمَ إِذا كانَ حُكْمًا عادِلًا نافِعًا للعِبَادِ فإِنَّهُ بَيِّنَةٌ تدُلّ عَلَى صِدْق مَن أتى بِه، فَالرّسُلُ كُلّهم جَاؤُوا بالبيِّناتِ، ومَا مِنْ رسُولي إلا أَتى بِبَيِّنَةٍ، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: ٢٥].
إِذَنْ: فمَعَ كُلِّ نَبِي كِتاب، كُلُّ نبِي لَهُ كِتَابٌ، وكُلُّ نَبِي لَه آيات بَيِّنَاتٌ، {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣].
المُهِمُّ: أنَّه مَا مِن رسُولٍ إلا مَعَه بَيِّنة وكِتَابٌ.
قوُله تعالى: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}: (اللَّامُ) في قولِه {لِيَظْلِمَهُمْ} تُسَمَّى لامَ الجحُودِ، أيْ لامَ النّفْي؛ لملازَمَتِها لَهُ، وهِي التي سبقَها (لم يكن)، أو (ما كان)، وهِيَ تنْصِبُ الفعْلَ المضَارعَ.
وقوْله تَعالَى: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}: إِذا قِيلَ: (مَا كانَ الله ليَفْعَل كَذا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute