للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفْضِيلٍ مثْلِ ما نَقُولُ الفضْلَى اسْمَ تفْضِيلٍ، والعظْمَى اسْمَ تفْضِيلٍ، ومُذَكَّرُ الفضْلَى الأفْضَلُ، ومُذَكَّرُ العظْمى الأعْظَم، ومُذَكَّر الأُولى الأوَّلُ، ومُذَكَّرُ {السُّوأَى} الأسْوَأُ.

إِذَنْ: فـ {السُّوأَى} اسْمُ تفْضِيلٍ مؤَنَّثِ (الأسْوَأِ)، ومعْنَى الأسْوَأِ: الأقْبَحُ، يعْنِي عمَلُهم السّيِّئ كانَتْ نَتِيجَتُه أسْوأَ، وَهَذا أسْوَأُ بالنّسْبَةِ لما هُمْ علَيْه مِنَ النّعِيمِ في الدّنْيَا فلَاقَوْا بعْدَ ذَلِك الجحِيمَ، ولا تَظُنَّ أنَّ هَذه الآية تدُلّ عَلَى أن السّيئةَ تُجزَى بأسْوَأ منْهَا، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠)} [الأنعام: ١٦٠] , لكِنَّ الأسْوَأ باعْتِبَارِ حالهم لَا باعْتِبَارِ الجزاءِ عَلَى سُوئهِمْ، فهُمْ كانُوا في الدّنيا مُنَعَّمِينَ وكانَتِ الدّنيا بالنّسْبَةِ للْكَافِر جنّة فلمَّا ماتُوا عَلَى الكفْر انتَقَلُوا إِلَى أسْوَأَ وأسْوَأَ بكَثِيرٍ، ولا يُنْسَبُ إِلَى حالهم في الدّنْيَا.

قولُه رَحَمَهُ اللهُ: [{السُّوأَى}: خبَرُ {كَانَ} عَلَى رَفْعِ (عَاقِبةُ)، واسْمُ كَان عَلَى نَصْبِ {عَاقِبَةَ}] , أفَادَنا المُفَسِّر أنَّ في {عَاقِبَةَ} قرَاءَتَيْن: النّصْبُ والرّفْعُ، فعَلى قِراءَةِ الرّفْع نعْرِب {السُّوأَى} اسمَ {كَانَ} و {السُّوأَى} خبرُهَا منْصُوب بفَتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الأَلِف منَع مِنْ ظُهورِها التّعَذَّرُ، وعَلى قِراءَةِ النّصْبِ نعْرِبُ {عَاقِبَةَ} خبَرَ {كَانَ} مُقَدَّمًا، و {السُّوأَى} اسمُها مؤخَّرٌ، وهَذا أحَدُ الأوْجُه في الأعْرَابِ.

وقِيل إِنَّ {السُّوأَى} مفْعُولٌ مُطْلَق يعْنِي أسَاؤُوا السّيِّئَة السّوأَى، فيَكُونُ مفْعُولًا مُطْلَقًا وَيكُونُ الخبَرُ أَو الاسْم هُو المصْدَرُ المؤَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {أَنْ كَذَّبُوا}، أيْ صَار عاقِبَتُهم حِين أسَاؤُوا أنْ كَذَّبُوا؛ لأَنَّ الأعْمَالَ السّيِّئةَ - والعياذُ باللهِ - تجرّ إِلَى السّيئةِ كَما أنَّ الحسَنَاتِ يَجْرُرْن إِلَى الحسَنَاتِ.

ولكِنْ مَا ذَهبَ إِلَيْهِ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ أَوْلى، فنَجْعَلُ السّوأَى إمَّا خبَرَ {كَانَ} عَلَى قِراءَةِ الرّفْعِ، وإِمَّا اسمَها عَلَى قِراءَةِ النّصْبِ.

<<  <   >  >>