{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦].
الفائدة الثالثة: أنَّ الإساءَة هُنا هِي التكذِيبُ بآيَاتِ الله، والاسْتِهزاءُ بِها عَلَى تقْدِيرِ المُفَسِّر، لأَنَّهُ قَال بأنْ كَذَّبُوا، وعَلى الرّأْيِ الثّاني يكُونُ قوْلُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {أَنْ كَذَّبُوا} هِي العاقِبَةُ فيُستَفادُ منْهَا أنَّ عاقِبَةَ المعَاصِي تكُون الكفَّر والتكذيبَ بآيَاتِ الله والاسْتهزَاءَ بِها, لقَوْلِه تَعالَى: {وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ}، إِذا قلْنَا إِنَّ قوْلَه تَعالَى: {أَسَاءُوا السُّوأَى} أيْ عَمِلُوا السّيِّئاتِ فكان عاقِبتُهُم التكذِيبَ والاستِهْزاءَ، ويكُونُ معْنَى ذَلِك أنَّ المعَاصِي تكُونُ سبَبًا للْكُفْرِ، وهُو كَذَلِكَ، وقَدْ قَال أهْلُ العلْم: إِنَّ المعَاصِيَ بَرِيدُ الكفْرِ.
الفائدة الرابعة: أنَّ الوَحْي الَّذي أنْزَلَهُ الله عَلَى الرّسُلِ مِن آيَاتِه لقوْلِه تَعالَى: {أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}، وإِنَّما كانَ مِن آياتِه لمَا يشْتَمِلُ علَيْه مِنَ الصّدْقِ في الأخْبَارِ والنّفْعِ في القصَصِ والعدْلِ في الأحْكامِ والإصْلاح، فكُلُّ الكتُبِ النّازِلَةِ متضمِّنَة لهذِه الأمورِ: صِدْق في الخبَرِ، نفْعُ القصَصِ، عدْلٌ في الأحْكَامِ، مصْلَحَة للعِبَادِ، فلِهَذا كانَتْ هَذِهِ الكتُبُ مِن آيَاتِ الله؛ لأنَّهُ لا يُمْكِنُ للْبَشَرِ أنْ يضَعُوا مثْلَها.
الفائدة الخامسة: الفرْقُ بيْنَ التكذِيبِ والاستِهْزَاءِ، فالتكذِيبُ ردُّ الخبَرِ، والاستِهْزاءُ السّخرِيَةُ بالأعْمَالِ الظّاهرَةِ أوِ الباطِنَةِ، والاستِهْزَاءُ أشَدُّ؛ لأنَّهُ جامِعٌ بيْنَ التكذِيبِ والسّخرِيَةِ.
الفائدة السادسة: التّحذِيرُ مِنْ أعْمَالِ السّيِّئاتِ حيْثُ كانَتْ هَذه عاقبَتَها، سواء قلْنَا إِنَّ السّوأَى هِي العاقِبَةُ، أوْ أنَّ العاقِبَةَ هِي التكْذيبُ، فإِنَّهُ يتضَمَّنُ التّحذِيرَ مِنَ الأعْمَالِ السّيَئةِ.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute