للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوْ بالعكْس فَفي ذَلِكَ اليَومِ لَا يُوجَدُ اجتِماعٌ إلا إِذا كَانُوا عَلَى الحقِّ، وَهَذا لا يَشْمَلُ المؤْمِنينَ؛ لأَنَّ المؤْمِنينَ تَفرُّقُهم إِلَى جِهَةٍ واحِدَةٍ، وَهذا قَال: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} فجَعلَهُم قِسْمَيْنِ: إمَّا في منَازِلهِم في الجنَّةِ، كُلٌّ في منْزِلَتِه لكِنْ في عَرُصاتِ القيَامَةِ يَكُونُ فَرِيقُ المؤْمِنينَ جَمِيعًا، وفَرِيقُ الكفَّارِ جَمِيعًا.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل كُلُّ إِنْسَانِ مستقِلٌّ بنفْسِه حتَّى ولَوْ كانَ مُؤْمِنًا؟

قُلْنَا: هَذا لَيْسَ بظَاهِرٍ؛ لأَنَّ قوْلَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، وقولَه: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} يقْتَضِي أنَّ المقْصُودَ تفرَّقُ الجِنْس ينْقَسِمُونَ مثْلَ مَا قَالَ الله تَعالَى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧].

الفائدة الرابعة: إثْبَات الجزَاءِ، لقوْلِه تَعالَى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ}، وقوْلِه تَعالَى: {فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ}.

الفائِدتَانِ الخامِسَةُ والسّادِسَةُ: فضِيلَةُ الإِيمَان والعمَلِ الصّالح؛ حيْثُ كانَ جَزاؤُه مَا ذَكر والتّحْذِيرُ مِنَ الكفْر، حيْثُ كَان جَزاؤُه مَا ذَكر أيْضًا.

الفائدة السابعة: أنَّ الإِيمَان والعمل يتَّفِقانِ إِذا افْتَرقَا ويَخْتلِفانِ إِذا اجتْمَعا، فعَلى هَذا يكُونُ كُلٌّ منْهُما بمَعْنَى الآخر عنْدَ الانْفِرادِ، ويخْتَلِفُ كلٌّ منْهُما عَنِ الآخر عنْدَ الاجْتِماعِ.

الفائِدتَانِ الثّامِنةُ والتّاسِعةُ: أنَّ العمَل لا ينْفَعُ إلا إِذا كَان صَالحًا، لقوْلِه تَعالَى: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، وحيْثُ إِنَّنا فسَّرْنا الصّالح بأنَّه مَا اجْتَمع فِيه الإِخْلاص والمتابَعَةُ يُسْتَفادُ مِنْهُ أنَّ العمَل الَّذي فِيه الشّرْكُ لَا ينْفَعُ صاحِبَهُ، وَهَذا واضِحٌ، وِفي

<<  <   >  >>