للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: ١٣] يعْنِي يُدْفَعُونَ بعُنْفٍ وشِدَّةٍ - والعياذُ باللهِ -، {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور: ١٤] ومعْلُومٌ أنَّهم لوْ رجَعَ الأمْرُ لاخْتِيارِهِم لَا يدْخُلونَ، لكنَّهم يُدْفَعُونَ بعُنْفٍ وشِدَّةٍ حتَّى يدْخُلُوها.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الصّحِيحُ فيمَنْ تُوفِّي قبْلَ البلُوغِ؟

قُلْنَا: الصّحِيحُ فيمَنْ تُوفِّي دُونَ البلوغِ ومَنْ لَمْ تبلُغْه الدّعوَةُ أيْضًا، إنْ كانَ مَن تُوفِّي قبْلَ البلوغ مِن أوْلادِ المؤْمِنينَ فهُو مؤْمِن مطلقا؛ تبعًا لأبوَيْه أوْ للمُؤْمِن منْهُما، ولَا يُشْهَدُ لهم بالجنَّةِ كَما لَا يُشْهَد لآبائِهم، لكِنْ يُشْهَد بالعُمُوم والجِنْس، فنَشْهَدُ لكلِّ مُؤمِنٍ بأنَّه في الجنَّةِ، وأَمَّا التعيينُ فيَحْتَاجُ إِلَى نَصٍّ، وأمَّا مَن تُوفِّي وهُو لَمْ يُميِّزْ، يعْنِي قبْلَ البلُوغِ، وهُو مِن الكفَّارِ فالمنَاطُ التّمْييزُ لَا البلوغُ، فإنَّ أصَحَّ الأقْوالِ فِيه أنَّه يُمْتَحَنُ يومَ القيامَةِ بِما يشَاءُ الله عَزَّ وَجَلَّ، ثمَّ تَكونُ النّتيجَةُ إمَّا إِلَى الجنَّةِ وإِمَّا إِلَى النّارِ، والامْتِحانُ ورَد فِيه آثَارٌ: أحادِيثُ ضعيفَةٌ وآثَارٌ عنِ الصّحابَةِ.

وقَدْ وَرَد حدِيثَانِ في أوْلادِ المشْرِكينَ، قَال - صلى الله عليه وسلم -: "هُمْ مِنْهُمْ" (١)، وقال: "الله أعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" (٢)، أما قولُه: "هُمْ مِنْهُمْ" فالمرادُ بِه أحكامُ الدّنْيا، فوَلَدُ المشْرِكِ الَّذي أبواهُ كافِرَانِ يُحْكَمُ بأنه كافِرٌ فَلا يُغَسَّلُ، ولَا يُكَفَّنُ، ولَا يُصَلَّى علَيْهِ، ولَا يُدْفَنُ مِع المسْلِمينَ، ولكِنْ في الآخرةِ يكونُ الجوَابُ الثّاني، حِينَ قالَ الرّسولُ - صلى الله عليه وسلم - لِعَائِشَةَ: "الله أعْلَمُ بِما كَانُوا عَامِلِينَ".


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسّير، باب أهل الدّار يبيتون فيصاب الولدان والذّراري، رقم (٣٠١٣)، ومسلم: كتاب الجهاد والسّير، باب جواز قتل النّساء والصّبيان في البيات، رقم (١٧٤٥).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم (١٣٨٣)، ومسلم: كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، رقم (٢٦٥٨).

<<  <   >  >>