للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فنحن نعمل ما دمنا نعطي أو نأخذ بصورة تؤثر في التاريخ.

فتوجيه العمل هو تأليف كل هذه الجهود لتغيير وضع الإنسان، وخلق بيئته الجديدة، ومن هذه البيئة يشتق العمل معناه الآخر: (كسب العيش لكل فرد).

والواقع أنه يجب أن يكون التوجيه المنهجي للحمل شرطا عاما أولا، ثم وسيلة خاصة لكسب الحياة بعد ذلك، لأن هذا التوجيه- حين يتحد مع توجيه الثقافة، وتوجيه رأس المال- يفتح مجالات جديدة للعمل.

وعلى قدر ما يصبح في البلاد من فنيين وفنون وحرف، تتجه أحوال معيشة الفرد إلى وضعها الطبيعي حتما، ولا يمكن أن يحدث هذا دون ذلك، لأنه كلما تقدم التوجيه المثلث للإنسان تغير وجه الحياة حتما، فيكتمل ويحتل مستوى أرفع دائما.

والحق أن كل عمل الإنسان قد صدر أولاً عن يده، فهي التي شقت الطريق لفكره في عالم الأشياء التي صنعتها، وكأنها كانت بذلك تخلق فكره، وتعد مهده، وإطاره، والمحيط الملائم لتطوره.

فلنكرم اليد التي تمسك بالمبرد (والفارة)، فمنها ستنبثق المعجزات التي ننتظرها.

ولقد انبثقت المعجزة فعلاً حين، تحركت اليد، فأمسكت الآلة، أو قلبت التراب.

وهكذا نجد أن توجيه الثقافة مع توجيه العمل يعدان- دون أدنى شك- للابسي الأسمال، وللعاطلين، مكانهم في المجتمع، في ظل وارف من الكرامة والرفاهية.

<<  <   >  >>