وتنشيطه، بتوجيه أموال الأمة البسيطة، وذلك بتحويل معناها الاجتماعي من أموال كاسدة إلى رأس مال متحرك، ينشط الفكر والعمل والحياة في البلاد. وزيادة على هذا يمكن أن نستفيد من تجربة أوربا، تجربتها التي مرت بها، والتي خرجت منها إلى توجيه رؤوس الأموال، وتخطيط اقتصادها، وذلك حتى لا نقع فيما وقعت فيه أوربا- حين تحركت فيها الآلة- من مشكلات حرية الانتاج والتجارة، تلك الحرية التي جاءت بالاضطرابات الاجتماعية الناتجة عن اضطهاد طبقة للاخرى.
لنتخذ من الآن الحيطة حتى تكون أموالنا مطبوعة بطابع الديمقراطية لا بطابع الاقطاعية.
فالقضية إنما هي قضية منهاج يحدد لنا تخطيطا مناسبا نبني عليه حياتنا الاقتصادية، ولا يكون فيه مكان لتركيز رؤوس الأموال في أيدي فئة قليلة، تستغل السواد الأكبر من الشعب، بل يجب أن يتوفر فيه إسهام الشعب، مهما كان فقيرا، وبذلك يتم التعادل بين طبقات المجتمع، وتنسجم مصلحة الجماعة مع مصلحة الفرد.
ولنا أن نرحب ببعض الجهود التي بذلها في البلاد الإسلامية بعض رجال اقتصادها، في العهد القريب، ونحن نرى في تلك الجهود- وإن لم تحقق غاية ما نتمناه- تشجيعا على الاستمرار في تدعيم هذا الاتجاه الاقتصادي، ودليلا على أن تكوين رأس المال ممكن، حتى في وطن فقير، إذا ما اتحدت فيه الجهود وتوجهت نحو الصالح العام.
ولا يفوتنا أن ننبه بإلحاح إلى أننا بحاجة إلى تكوين مجلس لتوجيه ((الثروة)) وتوظيفها، لتتحول إلى " رأسمال " بالمعى الآنف الذكر، ولتخطيط أهدافه الاقتصادية.
وبهذا التوجيه الذي يسير متضافرا مع توجيه الثقافة وتوجيه العمل، يكون الفرد قد استكمل الشروط اللازمة لتشييد حضارة تطابق إطاره الخاص.