ولقد يكون هذا التعليل ظاهرا بالنسبة لأولئك الذين يطالبون بخروج المرأة في زينة فاتنة، إذ في ذلك ما يوقظ غرائزهم، أو يرضي شهواتم.
غير أن أولئك المتمسكين بإبعاد المرأة عن المجتمع، والمؤمنين بضرورة إِبقائها في سجنها التقليدي- قد يبدو، في تعليل الدافع النفسي لموقفهم بأنه جنسي، بعض الغرابة، بيد أنَّ هذه الغرابة لا تلبث أن تزول حينما نعلم أن ليس لتفكيرهم من مبرر منطقي، إلى ما يتعللون به من الحفاظ على الأخلاق، الذي يختفي وراءه مغزى التمسك بالأنثى، فالغريزة هنا تكلمت بلسان آخر.
ولقد يكون كلام الغريزة واضحا في رأي من يريد المرأة في صورة تلفت إليها الغرائز، أما عند من يرى أن تخرج في هيئة يقبلها الخلق فإنه من العسير أن نرى دور الغريزة في مثل ذلك التفكير، ولكن قد يكون في منعها من الخروج مبرر خفي مما يستقر في نفس الرجل من دافع جنسي من الخوف على أنثاه أن يشاركه فيها غيره، وإذن فهو يدافع عن أنثاه، وهنا يظهر جلياً ذلك الاعتبار الجنسي في تفكيره.
وهكذا نرى أن كلا الفريقين قد يصدر رأيه عن اعتبار واحد هو الغريزة، ولا أمل لنا في أن نجد في آرائهما حلا لمشكلة المرأة.
وإذن فهذه المشكلة ينبغي أن تصفى أولا من مثل هذه النزعات، ثم تُحل حلا يكون الاعتبار الأول فيه لمصلحة المجتمع، فالمرأة والرجل يكونان الفرد في المجتمع: فهي شِقُّ الفرد، كما أن الرجل شقه الآخر.
ولا غرو فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:" النساء شقائق الرجال ".
والله تعالى خلقهما من نفس واحدة. وأخبر عن ذلك بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}.
فالمرأة والرجل قطبا الإنسانية، ولا معنى لأحدهما بغير الآخر، فلئن كان