وتحديدنا لعمل المرأة في المجتمع جدير بالاعتبار، فمن المعلوم أن المرأة الأوربية كانت ضحية هذا الاعتبار، لأن المجتمع الذي حررها قذف بها إلى أتون المصنع، وإلى المكتب، وقال لها:" عليك أن تأكلي من عرق جبينك ". في بيئة مليئة بالأخطار على أخلاقها، وتركها في حرية مشئومة، ليس لها ولا للمجتمع فيها نفع، ففقدت- وهي مخزن العواطف الإنسانية- الشعور بالعاطفة نحو الأسرة، وأصبحت بما ألقي عليها من متاعب العمل صورة مشوهة للرجل، دون أن تبقى المرأة.
وهكذا حُرم المجتمع من هذا العنصر الهام في بناء الأسرة، وهو العنصر الأساسي فيها، وجنت أوربا ثمار هذه الأسرة المنحلة مشكلات من نوع جديد. وهناك شيء جدير بالإثارة في هذا الفصل، هو مسألة تعدد الزوجات: هل لعدد الزوجات أفضل من الاقتصار على امرأة واحدة؟ أم العكس؟
ونحن نرى أننا لا نستطيع أن نبحث هذه المشكلة أيضا بعيدا عن واقع المجتمع، بحيث نغفل تفوق عدد النساء على الرجال في غالب الظروف، وما يجر ذلك على المجتمع من مشكلات.
إن دارس الاجتماعيّات لا يدرس الأشياء كما هي فحسب، يل هو يحاول أن يدرك ما سوف تؤول إليه أيضا .. ولذلك فحين نرى المرأة المسلمة تسير متطورة في زيها ومسلكها نتساءل: إلى أي وجهة تسير؟ ..
إننا لا نعلم حتى الآن طريقها، ولا ندرك هدفها، لأن مجتمعنا يسير مستسلما للحوادث والأيام.
نعم إننا نرى المرأة في تطور، ولكننا لم نشرع بعد في التخطيط الدقيق لجميع أطوارها، فنحن نراها في مظاهرها الجديدة فتاة في المدرسة، وفي حركة كشفية، وفي تسابق في الحياة العامة، عاملةً، ومولدة، وطبيبة ومدرسة، وعاملة في المصنع والأتوبيس، ونائبةً أخيراً ...