ومهما يكن عجزنا كبيرا عن تخطيط مراحل تطور الفتاة المسلمة، فإنه يلزمنا عند أي تخطيط ألا نغفل بعض القضايا الجوهرية، كقضية " الحضور "، أعني حضور المرأة في المجتمع حضورا محسًّا بيِّناً.
نعم إن امرأتنا عندما لا تحضر في هذا المجتمع، ولا تدرك أحداثه التي تجري فيه، ولا تطوراته التي سوف يصير إليها، تدع المجال لامرأة أخرى تخلفها حتى في البيت الذي تعتكف فيه، إننا نرى الآن " مودة " التزوج بالأجنبيات تنمو عند شبابنا، وهي نتيجة تباعد المرأة العربية عن المجتمع. لقد بدأت الأجنبية تضع طابعها في حياتنا فعلا.
ونحن لا ندري أي مكان هام تشغله الآن المرأة الأوربية في لا شعورنا، لأن المرأة التي تحضر في مجتمعها وتعني بشئونه توجه كل الاستعدادات الخفية في الرجل، فإذا به يخضع لسلطانها من حيث لا يشعر.
ونستطيع القول: إن المرأة الأوربية قد أصبحت اليوم في الجزائر مثلا -من حيث لا تشعر هي نفسها- تقود خيال شبابنا الشعري، واتجاهاته في ذوق الجمال، بل وربما في مثله الأخلاقية، ولقد أصبحت تؤلف من حيث لا يشعر مآسيه الكبيرة، أو الصغيرة، التي تظهر في حياته، اليومية، أو تتخفى وتستتر (١). ومن الواضح أن الأوربية لا تتمتع بهذه الميزة إِلا لأن المرأة عندنا لا تقوم بدورها أحيانا.
فكيف؟ وبأي أسلوب يمكن للمرأة المسلمة أن تقوم بدورها؟ .. إن علماءنا ومثقفينا ونساءنا أنفسهن، جميعا مسئولون عن هذا الجواب. وربما كان القارىء ينتظر من المؤلف أن يتجاوز الإشارة إلى عقد المؤتمر المقترح آنفاً إلى الإجابة عن هذا السؤال نفسه، وعرض حل معين له.
إن مثل هذا الموقف يدل على أننا لا نفرق في المشكلة بين الجانب الفني