كذلك، فإننا نكتفي من الفن بمعناه الشائع، أي بما هو معتبر من مظاهر. المادية المنتشرة في البلاد الإسلامية اليوم، كالموسيقى، والغناء، والسينما، وغير ذلك.
وأحب أن أخص بالحديث الموسيقى والسينما، وهما اللذان يعتبران وسيلتين مؤثرتين من وسائل التهذيب الشعبي، مؤثرتان لأنهما موحيتان!! ..
إن أغلبية البلاد العربية تابعة لمصر في هاتين الناحيتين، فالسؤال إذن هو: ما قيمة الموسيقى والسينما في مصر؟ ..
لقد سمعنا ولا شك نحيب لأنوف، والشهيق الذي يتكرر ألف مرة، والذي يسمى بالموسيقى المصرية!!.
فهل هذا من الموسيقى؟ .. هذه ((الأشياء)) التي تتجاهل، بل تجهل المكان، والزمان، والفصول؟ ..
إنها لا تذكرنا بشيء في الواقع، بالحفيف الخفيف للربيع في الغابات! بتساقط أوراق الخريف الحزين!! .. بالبهجة الحارة في الصيف! بهياج العاصفة في البحر!. بدمدمة الرعد!. بالجحيم!. وبالنعيم! ...
أين العالم الذي تحدثنا عنه الموسيقى المصرية، التي تجهل حتى الخطوة العسكرية للجنود؟ .. إنه ليس في السماء .. وليس في الأرض بل لا يوجد في أي مكان!
إن الموسيقى المصرية ليست فنا متصلا بقيم أو بأشياء، بل هي فن يتصل بالعدم، إلا في بعض الأحوال الاستثنائية، في الظروف الأخيرة (١).
فأية قيمة تربوية يمكن أن نعترف لها بها في هذا العالم! عالمنا المكون من الزمان والمكان، ومن النوائب أيضا؟ ..
(١) يرى المؤلف أن الموسيقى الشرقية بعامة والمصرية بخاصة قد تحسنت كثيراً في هذه الأيام وهي في طريقها الذي يرجو أن يطرد نحو التغدم.