للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التراب أحد العناصر الثلاثة التي تكون الحضارة، فإذا ما توفر " المركب الديني " لتركيب هذه العناصر- كما أسلفنا- فإننا نرى التراب في بلاد الاسلام جديرا ببحثه هنا كعامل من عوامل الحضارة.

ونحن حينما نتكلم عن التراب، لا نبحث في خصائصه وطبيعته، فليس هذا البحث من موضوع الكتاب، ولكننا نتكلم عنه من حيث قيمته الاجتماعية، وهذه القيمة الاجتماعية، للتراب مستمدة من قيمة مالكيه، فحينما تكون قيمة الأمة مرتفعة، وحضارتها متقدمة يكون التراب غالي القيمة، وحيث تكون الأمة متخلفة- كما نقول اليوم- يكون التراب على قدرها من الانحطاط.

ونستطيع بمقياسنا السابق أن نقول: إن التراب في أرض الإسلام عموماً على شيء من الانحطاط، بسبب تأخر القوم الذين يعيشون عليه (١)، ذلك أن الأرض الزراعية في بعض البلاد كالجزائر مثلاً بدأت تتقهقر رويدا أمام غزو الصحراء، فأكفان الرمال تمتد هناك حيث كان يوجد قطعان الماشية، والأرض الخضراء.

ولقد شاهدت الصحراء قبل عشر سنوات جنوب مدينة (تِبسه) ولكنها اليوم قد أصبحت شمالها. وليس بمستبعد- إذا ما واصلت الصحراء هذا التقدم- أن تكون عاصمة البلاد بعد قرن أو قرنين واحة محفوفة بشيء من النخيل، تحيط بها الرمال.


(١) ربما أمكننا ذكر أسباب سياسية أيضا مثل استيلاء الاستعمار على تراب بعض البلاد: ولكن هذا الجانب الطارئ قد يخفي علينا جوانب أخرى نراها أكثر أهمية في دراسة منهجية لأنها تتعلق بأسباب ط س ة [[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: لم أستبن هذه الكلمة]] تستحق العلاج في طبيعة التراب أو في سلوك أصحابه.

<<  <   >  >>