للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والشعب المتدين الطروب كان مصغيا ... ولكن المستقبل هدف بعيد، فلا بد من طرق واضحة ودفعات قوية لكي يدرك هدفه. وإذن فيجب أن تحدد الكلمات معالم هذه الطرق، وأن تحتوي على الخمائر المباركة لهذه الدفعات.

وعلى الرغم من قوة عبارات الإصلاحيين الجزائريين، فإن هذه الكلمات قد انحرفت- أحيانا وبكل أسف- عن أهدافها، لأسباب تضاد المنهج، فلقد كان النوم يحذرهم عن أن ينشروا وعيهم وجهدهم باستمرار، فكانت النتيجة انحرافا. ولا نتيجة، لأن الحكمة قد تركت مكانها للانتهازية السياسية.

ولكن مهما كان شأن جمعية العلماء إزاء ذلك الانحراف، ومهما كان ركونها أحيانا إلى التفكير غير المنهجي، فإنها لا تزال في طليعة النهضة الجزائرية الصحيحة، ومن أقوى محركاتها.

على أن من الممكن أن يتحول هذا النوع من التفكير غير المنهجي إلى انتهازية خطيرة (١)، وبخاصة في العصور المضطربة عندما تؤدي كل خطوة خاطئة إلى الموت أحيانا.

فليس للانحراف طرق مرسومة نظريا، ولكن له دروبا مظلمة يتعثر فيها السائر في كل خطوة.

وهنا يظهر السبب الذي دعا العلماء إلى أن يسيروا عام ١٩٣٦ في القافلة السياسية التي ذهبت إلى باريس كأكبر سبب جرَّ الحركة الإصلاحية الحزائرية إلى أول انحرافها.

فبأي غنيمة أرادوا أن يرجعوا من هناك، وهم يعلمون أن مفتاح القضية في روح الأمة لا في مكان آخر؟

وبأي شيء في الحقيقة قد رجعوا؟ ألم يرجعوا باخفاق المؤتمر الجزائري


(١) قد بينت الظروف أن هذه الانتهازية قد انتشرت بالفعل في الأوساط التي تقود الحركة الإصلاحية الجزائرية.

<<  <   >  >>