كما أشار إليها القرآن الكريم {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}، وكما وضحها ذلك العبقري، عمدة المؤرخين (ابن خلدون).
وأول ما يجب أن نعرفه عن شعب حديث اليقظة، لا تزال آثار النوم الطويل بادية عليه هو: هل بيده أسباب تقدمه؟
إننا نجد في القرآن الكريم النص المبدئي للتاريخ التكويني ( Bio-histoire) { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} وينبغي أن لا نقرر هذا المبدأ حسب إيماننا به فقط، بل يجب أن يكون تقريره في ضوء التاريخ.
و"نعم" لا تجدي كجواب عن السؤال المطروح أمامنا، إلا إذا تأكدنا من شرطين:
أولهما: هل المبدأ القرآني سليم في تأثيره التاريخي؟.
ثانيهما: هل يمكن للشعوب الإسلامية تطبيق هذا المبدأ في حالتها الراهنة؟.
الشرط الأول:
مطابقة التاريخ للمبدأ القرآني.
إذا نظرنا إلى الأشياء من الوجهة الكونية، فإننا نرى الحضارة تسير كما تسير الشمس، فكأنها تدور حول الأرض مشرقة في أفق هذا الشعب، ثم متحولة إلى أفق شعب آخر.
وإنه لمفيد للقادة أن ينظروا هذه النظرة الفاحصة، فيدركوا طبائع الأشياء، ولكن الكثير منهم تأخذه العزة بالإثم، فيزعم أن إرادته فوق إرادة الأقدار، حتى ليكاد يقول:"يا شمس قفي " وهيهات أن تقف الشمس، أو يسمع لهرائه مستمع، فإن الأقدار، لا تلبث أن تقود الحضارة إلى حيث قدر الله لها السير، من دور إلى دور، ومن فجر إلى فجر، غير عابئة بما يحاوله الباطل من إطفاء النور، أو تغيير الحقائق، ولا متلفتة إلى ما تبثه الزوايا من وهم، أو إلى ما يتخرص به الاستعمار.