للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والطبيعة بالخصوص- أي الجغرافيا- هي التي تقوم بهذا ((التحدي)) وحسب مستوى التحدي، وفعالية "الرد" عليه من طرف الشعوب المواجَه به. فإن حضارته تكون بين احتمالات ثلاث:

فهي إما أن تقوم بوثبة إلى الأمام. وإما أن تصاب بالتوقف والجمود. وإما أن يلفها الفناء بردائه.

وإذا نحن حاولنا بعد الذي سردنا من النظريات أن نستعمل إحداها في تفسير لواقعة تاريخية محددة- ولتكن الحضارة الإسلامية على سبيل المثال- فإننا نجد أنها لا ترضينا تمام الرضى.

إذا نحن لا نرى في "تكوين" هذه الحضارة العامل الجغرافي أو المناخي في شكل "تحدٍّ" معين حسب نظرية توينبي، ولا العامل الاقتصادي الزوجي الأساس المتمثل في الحاجة، الوسيلة الصناعية حسب نظرية ماركس.

أما نظرية "الروح الكلي" ( ecn) فلا تستطيع بدورها تفسير الظاهرة الإسلامية مع الظروف النفسية- الزمنية التي رافقتها، كما سبق لي أن أوضحت ذلك في كتابي "الظاهرة القرآنية"، ولقد يبدو في أفكار ((كسرلنج)) ما يمدنا بتخطيط تحليلي للواقعة المسيحية، نستطيع أن ندرج في نطاقه الواقعة الاسلامية.

وذلك لما فيها من وجوه التماثل البيولوجية- التاريخية المعينة. التي تضع الحضارة في كلتا الواقعتين، ضمن حالات تطورية متشابهة.

وهي حالات قد أعدت لها جميع اللغات المتطورة مصطلحاً خاصا لتحديدها.

إذ تشير إلى هذه الحالات الثلاث: بالنهضة، والأوج، والأفول.

وعلى هذا فـ"كسرلنج" و"أوسفالد شبنجلر)، لم يخرجا في دراستيهما من حيث المصطلح الشعبي في اللغات المتطورة عن واقع التاريخ وهو التقاء فرضته طبيعة الأحداث وليس مجرد الصدفة العارضة.

ولو حاولنا الآن بدورنا عرض التحليل التاريخي في صورة تخطيطية لأمكننا

<<  <   >  >>