للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن المشاكل التي تحيط بالإنسان (١) تختلف باختلاف بيئته، فالإنسانية لا تعاني مشكلة واحدة، بل مشاكل متنوعة، تبعا لتنوع مراحل التاريخ. فلا يمكن لنا أن نقارن في الوقت الحاضر بين رجل أوروبا المستعمر، ورجل العالم الإسلامي القابل للاستعمار، لأن كليهما في طور تاريخي خاص به.

ففي بلد أوروبية كبلجيكا، نجد الرجل لا يتمتع بتوازن اقتصادي في حياته، فهنالك اضطراب نتج عن عدم الملاءمة بين حاجاته وتيار الانتاج الصناعي المسرع، ومن هنا تنشأ مشكلة اجتماعية يعانيها شعب بلجيكا، وهي مشكلة "حركة" مضطربة لا يشعر بها شعب لا يعيش في مجال هذا التيار. بينما البلاد الإسلامية على نقيض ذلك أزمتها ليست في الحركة بل في "الركود"، فهو مشكلة الإنسان المتوطن فيها، الذي عزف عن الحركة، وقعد عن السير في ركب التاريخ.

فالأمر في الحالة الأولى يتعلق بحاجات غير مشبعة، وديناميكية مضطربة، على حين يتعلق في الأخرى بعادات راكدة وضعت الفرد في حالة توازن خامد، وخمول تام، في الوقت الذي خطت فيه الحضارة خطوات العماليق.

وعليه فالأمر متصل بمشكلتين مختلفتين في أساسهما، فهنالك هم في حاجة الى مؤسسات، بينما نحتاج هنا إلى رجال، فمن الرجل تنبع المشكلة الإسلامية بأكملها، وبخاصة في الجزائر، فالمسألة هي: يجب أولا أن نصنع رجالاً يمشون في التاريخ، مستخدمين التراب والوقت والمواهب في بناء أهدافهم الكبرى.


(١) ندرس هنا مشكلة الإنسان في عمومها، وسيكون الحديث غالبا عن الرجل ثم نخصص فصلا للمرأة بعد ذلك

<<  <   >  >>