للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مشكلات الحياة بتماثل معين في الرأي، يتجلى فيه ما يسمى "الثقافة الانجليزية".

بينيما يختلف سلوك الآخرين أحيانا اختلافا عجيبا يدل على طابع الثقافة الذي يميز أحد الرجلين عن صاحبه، لأنه يميز المجتمع الذي ينتمي إليه.

هذا التماثل في السلوك في الحالة الأولى، والاختلاف في السلوك في الثانية، هما الملاحظتان المسلم بهما في المشكلة التي أمامنا، وعليه فالتماثل أو الاختلاف في السلوك ناتج عن الثقافة لا عن العلم.

ونحن نريد أن نؤكد هذا، لندرك أن السلوك الاجتماعي للفرد خاضع لأشياء أعم من المعرفة، وأوثق صلة بالشخصية، منهم، بجمع المعلومات، وهذه هي الثقافة.

فالثقافة إذن تتعرف بصورة عملية على أنها: مجموعة من الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية التي يلقاها الفرد منذ ولادته كرأسمال أولي في الوسط الذي ولد فيه، والثقافة على هذا هي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته.

وهذا التعريف الشامل للثقافة هو الذي يحدد مفهومها، في المحيط الذي يعكس حضارة معينة، والذي يتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر. وهكذا نرى أن هذا التعريف يضم بين دفتيه فلسفة الإنسان، وفلسفة الجماعة، أي (مَعطِيَّات) الإنسان (ومَعطِيَّات) المجتمع، مع أخذنا في الاعتبار ضرورة انسجام هذه المعطيات في كيان واحد، تحدثه عملية التركيب التي تجريها الشرارة الروحية، عندما يؤذن فجر إحدى الحضارات.

ولكن لا سبيل لعودة الثقافة إلى وظيفتها الحضارية إلا بعد تنظيف الموضوع من الحشو أو الانحراف الذي أحدثه فيه عدم فهمنا لمفهوم " ثقافة ".

وهذا يعني أنه يجب أولاً أن نوضح هذا الحشو من ناحية، ثم أن نوضح من ناحية أخرى معنى الثقافة، حتى يكون سلوكنا الشخصي وأسلوب الحياة في المجتمع الذي نعيش فيه مطابقين لمفهوم لا غموض فيه، لا من وجهة التاريخ أي

<<  <   >  >>