للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوعظ والنصيحة والهجر في المضاجع والضرب غير المبرّح، قال تعالى: {وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} .

ثالثًا: إذا استشرى الخلاف وجب اللجوء إلى التحكيم، بأن يختار الزوج حكمًا من أهله، وتختار الزوجة حكمًا من أهلها، فيجتمعان وينظران في الخلاف بين الزوجين وأسبابه، ويعملان على إزالته، وكثيرًا ما ينجح هذ التحكيم؛ لأن كلًّا من الحكمين حريص على حسم الخلاف لمصلحتها في حسمه، كما أنهما -لعلاقتهما العائلية- يمكنهما الوقوف على أسباب الخلاف، ولا شكَّ أن معرفة الأسباب الحقيقية تسهِّل معالجتها.

قال تعالى في التحكيم بين الزوجين: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} .

رابعًا: إذا لم ينفع التحكيم واستمرَّ الخلاف وأراد الزوج الفراق، فعليه أن يسلك فيه مسلكًا يقيه شرَّ العجلة والتسرّع والغضب، فأوجب عليه الإسلام أن يوقع الطلاق بالكيفية الآتية:

أ- أن يطلقها وهي طاهرة غير حائض، ولم يكن قد مسها في طهرها هذا، والحكمة في ذلك أنَّ الزوج إذا طلقها في هذه الحالة فإنَّ ذلك يعني أنَّ نفسه راغبة عنها، وأن هناك من الأسباب القوية ما يحمله على فراقها إلى درجة أنَّه امتنع عن مسها قبل طلاقها.

ب- ومع هذا فإنَّ الشرع الإسلامي احتاط احتياطًا آخر، فقد يكون الزوج لم يقدِّر المسألة حقَّ قدرها، وتسرَّع في تصميمه على الطلاق، ولهذا أوجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة، هي التي تسمى في الاصطلاح الشرعي بالطلقة الرجعية، ويكون له في هذا الطلاق الرجعي الحقّ في إرجاع زوجته خلال مدة العدة، وهي عدة تمتد إلى ما يقرب من ثلاثة أشهر، فإذا فكَّر بهدوء فقد يظهر له أنَّه قد تسرَّع في طلاقه، وقد يحمله تفكيره الهادئ إلى ترجيح إبقاء الرابطة الزوجية على قطعها، وإن كان هناك ما يبرر قطعها إيثارًا لمصلحة أولاده الصغار من الضياع، ولهذا أعطاه الشرع الإسلامي الحق في إرجاع زوجته خلال مدة العدة كما قلنا، وقد يكون هذا الطلاق نذيرًا للمرأة، فلا تعود لما أدَّى إليه.

<<  <   >  >>